استنكر فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بمراكش الوضعية التي تعاني منها ساكنة منطقة “المنارة” وأحياء أخرى في المدينة الحمراء، في علاقة بوضعية الماء الصالح للشرب، مطالباً بالتدخل العاجل من أجل وقف حدّ لنفاتقم هذا المشكل المؤثر على حياة المواطنين.
وقال فرع الجمعية في بلاغ له، إن “المشكل الأساسي هو مدى توفر الجودة، ومعاييرها الدولية في ظل تفاقم أزمة الماء، ليس فقط نتيجة العامل الطبيعي بل نتيجة تراكم سوء التدبير والتسيير، وفشل السياسة المائية؛ تعي أن السلطات واللجنة المكلفة بالماء على مستوى المدينة، وكذا الولاية، تتسابق الزمن لحل مشكل الخصاص فقط، دون مراعاة للجودة ومعاييرها”.
وطالبت الجمعية، بـ”جعل حق الساكنة في الماء الشروب ذات أولوية وفوق كل اعتبار، وضمانه وفق معايير علمية وصحية تحترم الجودة، والوقف الفوري لاستغلال المياه الصالحة للشرب سواء الجوفية أو السطحية في غير محلها، والتصدي بحزم للاستغلال العشوائي لحفر الابار والثقوب بشكل غير قانوني، بالاضافة إلى تعميم مشاريع تصفية المياه العادمة وتصريفها لسقي ملاعب الغولف والحدائق وكل الفضاءات الخضراء، وتقوية المراقبة واعتماد معايير الشفافية والخضوع لسلطة القانون في كل ما يتعلق باستعمال الماء خاصة فيما يسمى المنتجعات السياحية المتواجدة خارج الدار الحضري”.
وبالعودة إلى تفاصيل الوضع، كشف فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان بمراكش أن ساكنة منطقة المنارة بمراكش، “تعاني منذ أكثر من 8 أشهر من تغيير لون الماء ورائحته وطعمه وارتفاع نسبة ملوحته لتنضاف إليها مؤخرا أحياء أخرى من المدينة، إضافة الى معاناة جماعات حربيل، السعادة وسيد الزوين من نفس المشاكل وأكثر بضعف الصبيب وانقطاع المياه احيانا. كل هذا رفع من تخوف الساكنة من إمكانية عدم احترام المعايير الصحية للماء الصالح للشرب وخشيتها من التداعيات الصحية خصوصا مع ارتفاع حالات الأمراض الباطنية، مما دفع العديد من السكان اللجوء الى مياه الإبار الغير خاضعة للمعالجة مما قد يشكل خطرا على صحة المواطنين وسلامتهم، حيث سجلنا طوابير من النساء أمام سقايات ، وهناك فئة أخرى تشتري المياه المعدنية مما يعني التخلي عن شرب مياه الصنابير وارتفاع فاتورة الماء الشروب”.
وأضاف البلاغ: “والجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي سبق لها مرارا أن نبهت لتهديد العطش لمدينة مراكش منذ ما يفوق 10 سنوات ،كما ذهبت إلى ذلك وكالة الحوض المائي بالجهة، تسجل سوء تسيير وتدبير ومساهمة السياسة المتبعة في خلق الأزمة والاجهاد المائي، والتضحية بالحق في الماء الصالح للشرب مقابل تلبية حاجات المنتجعات السياحية والفنادق وملاعب الغولف، والتستر عن حفر الآبار والثقوب والتواطئ في ذلك ، مما شجع الفساد،الشيئ الذي ساهم في استنزاف الفرشة المائية؛ فالفنادق تتواجد بها عدد من الآبار قد تكون مرخصة وغير مرخصة إضافة الى أنه يجهل حجم المياه المستهلكة ، أما ملاعب الغولف فتستنزف لوحدها ما يفوق 25 مليون متر مكعب من المياه، كانت سابقا من المياه السطحية والجوفية الصالحة للشرب، قبل أن يتم استعمال مياه محطة المعالجة وإعادة استعمال المياه العادمة، ورغم ذلك لازالت هذه الملاعب تستهلك جزءا من المياه الصالحة للشرب”.
وتابع فرع الجمعية، “ولتبيان كمية مياه سقي ملاعب الكلف نعرض أمثلة بسيطة فملعب أملكيس يستهلك 2،5 مليون متر مكعب سنويا، وهناك ملاعب تصل كمية الماء المستهلك مابين 700 الف و 1،5 مليون مكعب حيث أنه بمراكش توجد 21 ملعبا للغولف اغلبها من 18 حفرة، وبها بعض الملاعب يصل عدد الحفر بها 27 وضمنها واحد تابع لشركة الضحى العقارية مشيد على مساحة 220 هكتار، وإضافة إلى سقي العشب يتم سقي الاشجار والحدائق، وملء البرك المائية وتغدية الاودية الصغير الاصطناعية التي تتوفر عليها بعض الملاعب خاصة التي تحمل لمسة أمريكية. وحسب الأخصائيين فملاعب الغولف تحتاج للسقي يوميا وإلى كميات مهمة من الماء ، فملعب الغولف الواحد يستهلك في يوم واحد ما يعادل كمية المياه التي تحتاجها أسرة مكونة من 4 افراد على مدى 10 سنوات. كما ان ما يستهلكه فندق واحد من صنف 5 نجوم من الماء يساوي ما تستهلكه 10 آلاف نسمة من الساكنة بمراكش”.
وسجلت الجمعية المغربية لحقوق الانسان فرع المنارة مراكش أن “هذه السياسية ساهمت في استنزاف حاد للموارد المائية الجوفية والسطحية، كبدت الفرشة المائية استنزافا متواصلا أدى إلى نضوب بعض الآبار والثقوب وافقد الأحواض المائية ملايين أمتار المكعبات من الماء قد تصل 10 ملايين متر مكعب في السنة، وقد وصل مؤخرا العجز في العرض المائي نسبة 40%. مما ادى الى تواصل تدني المخزون المائي، وتسبب في التخلي عن بعض الأنشطة الاقتصادية، خاصة الفلاحية، بسبب نضوب مصادر المياه بالمناطق الأكثر استغلالا، وجعل مجموعة من الجماعات الترابية تجد صعوبات في تأمين مياه الشرب، وقد امتد هذا الى المجال الحضري لمدينة مراكش، فرغم تحويل كمية من مياه أم الربيع من سد المسيرة، فشبح العطش يبقى قائما”.
وحمّلت الجمعية الجهات المسؤولة “تبعات الوضع المخيف لنذرة مياه الشرب، الناتج ليس فقط عن عوامل المناخ، بل أساسا على سوء التسيير، وغياب النجاعة في التدبير، والتفريط في الموروث المائي الايجابي وعدم تعزيزه وتحديثه واستثماره لمواجهة الازمة، وتعتبر أن الدولة مسؤولة عن غياب الأمن المائي ،وتبديد إحدى الثروات التي بدونها تستحيل الحياة”.