تزامنا وحث المجلس الأوروبي الحكومة الإسبانية، على تعليق التعاون الحدودي في محاربة الهجرة مع المغرب، كشفت كل من وزارة الداخلية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان عن ملابسات الحادث المأساوي الذي وقع على السياج الفاصل بين مليلية المحتلة والناظور، والذي أفضى إلى مقتل 23 شخصا، عندما حاول ما يقرب من 2000 مهاجر من جنوب الصحراء عبور السياج المرتفع الفاصل بين مليلية ومدينة الناظور الحدودية شمال المملكة.

وأوضح وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت في معرض جوابه عن سؤال كتابي برلماني، أن هذا الحادث “يشكل استثناء فريدا من نوعه من حيث عدد المعتدين الذين بلغوا 2000 شخص أو من حيث التوقيت الذي تم في واضحة النهار الأمر الذي خلق حالة من الذعر بين الساكنة المحلية خصوصا الأطفال”.

وقد اتسم هذا الهجوم، حسب المعطيات التي قدمها لفتيت، بالعنف الشديد من طرف المهاجرين غير النظاميين الذين استخدموا السكاكين والحجارة والأدوات الحادة وقاموا بالمواجهة المباشرة مع السلطات العمومية، كما اختاروا نقطة الالتقاء باستهدافهم الممر الضيق “Brio chino” الذي يتسع فقط لمرور شخصين في وقت واحد.

وسجل المسؤول الحكومي أنه على الرغم مما اتسم به هذا الهجوم من عنف، “إلا أن السلطات الأمنية تعاملت معه باحترافية كبيرة وضبط النفس، وقد خلف هذا الحادث إصابة 140 عنصرا من القوات العمومية”، مؤكدا أن هذا الحادث “أبان بشكل ملموس أن المغرب لا يمكنه أن يتصدى بشكل أحادي لإشكالية الهجرة غير النظامية الأمر الذي يقتضي تقوية التعاون الثنائي والإقليمي والدولي”.

ولفت وزير الداخلية إلى أنه تم إيفاد لجنة استطلاعية من المجلس الوطني لمتابعة ملابسات هذا الحادث والذي رغم ما تم تسجيله من عنف وخسائر إلا أنها وقفت على حرص السلطات المعنية على احترام حقوق الإنسان وذلك من خلال توفير العناية الصحية للمصابين، سواء في صفوف المهاجرين أو القوات العمومية وتحديد هوية المعتقلين والمتوفين وتمكين المتابعين من محامين في إطار المساعدة القضائية وإجراء التشريح الطبي اللازم على جثث المتوفين لتحديد أسباب الوفاة.

ومن جهة أخرى كشف تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان برسم سنة 2022، أن حالات الوفاة المسجلة، حسب المعاينة الطبية لجثت الضحايا، حدثت بسبب الاختناق الميكانيكي والتدافع والازدحام والسقوط من أعلى سور السياج، وبفعل ضيق الفضاء وتكدس عدد كبير من المهاجرين في الباحة الضيقة للمعبر الذي كانت أبوابه مغلقة بإحكام.

 وأبرز التقرير الصادر صبيحة أمس الأربعاء، أنه على إثر الحادث المأساوي بمعبر مليلية، أحدث المجلس بتاريخ 27 يونيو 2022، لجنة استطلاعية لإعادة بناء الوقائع التي أدت إلى الأحداث المأساوية والعنيفة التي شهدتها بوابة العبور بين الناظور ومليلية يوم الجمعة 24 يونيو 2022، والتي نتج عنها وفاة 23 شخصا، وإصابة 76 من العابرين، وجرح 140 عنصرا من عناصر القوات المغربية، وبعد استكمال اللجنة مهمتها الاستطلاعية، نظم المجلس بمقره بالرباط في 13 يوليوز 2022 ندوة صحفية قدم خلالها الخلاصات لإعادة بناء وقائع ما جرى خلال أحداث المعبر.

وجدّد التقرير التذكير، بأن “حالات الوفاة المسجلة، حسب المعاينة الطبية لجثت الضحايا، حدثت بسبب الاختناق الميكانيكي والتدافع والازدحام والسقوط من أعلى سور السياج، وبفعل ضيق الفضاء وتكدس عدد كبير من المهاجرين في الباحة الضيقة للمعبر الذي كانت أبوابه مغلقة بإحكام” مفندا بذلك تهمة العنف الشديد من طرف القوات المغربية والمفضي للوفاة على المهاجرين غير النظاميين.

وفي هذا الصدد، أشار مجلس بوعياش، إلى دعوته باعتماد التشريح الطبي لتحديد سبب وفاة كل حالة على حدة، مسجّلا في الآن ذاته وجود تغير ناشئ وجذري في طبيعة عبور المهاجرين من الناظور إلى مليلية، والذي اتسم بالهجوم المباغت والمحكم التنظيم وغير المعتاد من حيث الزمان (النهار) والمكان (المعبر وليس السياج) والأسلوب (الاقتحام بدل التسلق) والمكون (جنسية واحدة تشكل الغالبية المطلقة).

وسجّل مجلس “بوعياش”، أن مقاربة الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة التي تنحصر في إغلاق حدوده والتشجيع على تدبير تدفقات المهاجرين من طرف دول الجوار لن تؤدي سوى إلى المزيد من المآسي، مقترحا “تعميق البحث القضائي ليشمل كل جوانب المواجهات وتناسب استعمال العنف وتحديد المسؤوليات”.

التعليقات على لفتيت وبوعياش يكشفان ملابسات “أحداث مليلية” التي أفضت إلى مقتل 23 مهاجرا مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

“الجمعية” تنشر تقريرا “قاتما” عن وضعية حقوق الإنسان بالمغرب