بين الاستجابة إلى التحولات المجتمعية، وإلى مطالب التحديث، وتعزيز المزيد من الحريات الفردية، وتكريس المساواة بين الرجل والمرأة، والدفاع عن حقوق “الأقليات الجنسية”، وغيرها من مطالب الحركة الديمقراطية والحقوقية عموماً؛ وبين الدعوة إلى عدم الخروج عن “قيم” المجتمع و”الحفاظ على التقاليد”، و”الاصلاح في إطار المرجعية الدينية” وعدم المسّ بالقضايا “المحسوم فيها شرعياً”، ينتظر الجميع مسودة مشروع القانون الجنائي الذي ظلّ يبشر به عبد اللطيف وهبي منذ أن ترأس وزارة العدل بعد تنصيب حكومة عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار.
وحسب مصادر مطلعة، فإن وزارة العدل تتّجه لطرح مشروع القانون الجنائي خلال الدورة الربيعية للبرلمان، وأن عبد اللطيف وهبي وفريقه داخل الوزارة منكبون على وضع اللمسات الأخيرة عليه، بالرغم من أنّ هناك نقاش داخل الأغلبية الحكومية حول هذا المشروع، جرى على مراحل، خصوصاً أن حزبيّ التجمع الوطني للأحرار والاستقال لم يخفيا دفاعهما على ما يعتبرانه “قيم المجتمع” و”تماسكه” وهي الحجج التي يقدمها التيار المحافظ عموماً في البلاد.
ذات المصادر أوضحت أن مشروع القانون الجنائي، سيتضمن “تأطيراً قانونياً” لشبكات التواصل الاجتماعي، “حول كلّ ما ينشر ومايبثّ سواء تدوينات صور أو فيديوهات وغيرها”، محاولاً فرض عملية “ضبط” للمجال الرقمي، وهو ما يمكن أن يلقى معارضة واسعة على غرار “قانون تكميم الأفواه” الذي كانت حكومة سعد الدين العثماني ترغب في تمريره بعدما تقدم به الاتحادي محمد بنعبد القادر وزير العدل السابق.
هذا المجال، أصبح اليوم يشكل مصدر “قلقٍ بالغٍ بعد أن “تنامت داخله خطابات التنمر والتشهير والعنصرية، وممارسات النصب وجمع التبرعات خارج القانون، كما أنه تحول إلى مجال مدرّ للأموال تصل إلى الملايين في بعض الأحيان، يستفيد منها صناع المحتوى بغضّ النظر عن طبيعة هذا المحتوى”، تقول ذات المصادر.
ومن المواضيع “الشائكة” التي من المنتظر أن تشكل موضوع نقاش حادّ، كل ما يتعلق بالحريات الفردية و”إمكانية رفع التجريم عن العلاقات الرضائية”، هذا المطلب الذي رفعه حقوقييون ووقف ضدّه المحافظون، خصوصاً حزب العدالة والتنمية؛ ولم يخفي وهبي ما من مرة تحمسه من أجل المضيّ قدما بخصوص تعديلات تهمّ الحريات الفردية وخصوصاً موضوع العلاقات الرضائية، وقد سبق له أن لمّح إلى ذلك من خلال قوله في أحد تصريحاته “الشهيرة” إنه: “إذا نتج حمل عن العلاقة خارج الشرعية بين رجل وامرأة، ثم جنين ثم ولد، فإن أحد الأبوين بعد إثبات أبوتهما بفعل اختبار “ADN”، سيكون ملزما بموجب القانون، على تعويض الطرف الذي سيتكفل بتربية الطفل، مدة 21 سنة”.
تصريحات وزير العدل اعتبرها العديدون أنها تلميح إلى “رفع التجريم عن العلاقات الجنسية الرضائية خارج إطار الزواج”، بإلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي.
لكن، هذا التوجه لا يروق حزب العدالة والتنمية ومن معهم في نفس “المعسكر المحافظ”، على اعتبار أن “الأسرة هي اللبنة الأساسية للمجتمع ومثل هذا التعديل قد يذهب في اتجاه تفكيك هذه المؤسسة، بالاضافة إلى اشاعة الفساد الأخلاقي داخل المجتمع، وهذا منافي لقيم المغاربة وتقاليدهم وأعرافهم ودينهم”، هذا الكلام ظلّ يردده زعيم “البيجيدي” عبد الإله بنكيران أكثر من مرة وفي كلّ خرجة له في شكل هجوم على دعاة الدفاع عن الحريات الفردية وبشكل ضمني على وهبي نفسه.
أيضاً، حسب مصادر مطلعة يتضمن مشروع القانون الجنائي، “العقوبات البديلة، الخاصة بمجموعة من الجرائم، وذلك من أجل تقليص العقوبات السجنية والتخفيف على المؤسسات السجنية.
من جهة أخرى، كشف مصدر حقوقي لـ”الأول” أنه “لا يمكن استباق الأمور ولازلنا لم نطلع على وثيقة المشروع من أجل تكوين رأي خصوصاً في مايتعلق بضبط المجال الافتراضي من خلال قوانين تحدّ من حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي، عموماً لايمكن القبول بمثل هذه القوانين والجواب كان واضحاً عندما حاولت الحكومة السابقة الدفع بمثل هذه القوانين قبل أن تتراجع بعد ضغط قوي مارسه النشطاء والاطارت الحقوقية والسياسية المناضلة”.
وأشار ذات المصدر الحقوقي: “ما لا يمكن القبول به هو ما هدد به وزير العدل من خلال منع الحقوقيين من وضع شكايات من اجل جرّ المسؤولين الذين تحوم حولهم شبهات الفساد إلى القضاء”.
وقال المصدر :” يجب أن يكون مشروع القانون استجابة للتحولات العميقة داخل المجتمع المغربي وأن يكرّس الحريات والحقوق والمساواة بين النساء والرجال، وأن يضمن حرية التعبير، لا أن يكون انتكاسةً حقوقية جديدة تعيدنا إلى الوراء وتنسف نضالات الحركة الديمقراطية على مدار سنوات طويلة”.
انتهاء “أزمة” إضراب المحامين.. فرضوا على وهبي “التنازل” في مجموعة من النقط وهذه أهم الاتفاقات
أعلن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب رسمياً، أمس الاثنين، إنهاء مقاطعة الجلسات في مختلف …