لا تزال تداعيات تبني البرلمان الأوروبي لقرار ينتقد المغرب مستمرة، إذ قال رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، في الجلسة الافتتاحية للدورة السابعة عشرة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، بمجلس المستشارين، اليوم الأربعاء، إن ممارسات بعض القوى السياسية في أوروبا تسير على نقيض أهداف الجمعية البرلمانية لدول بحر الأبيض المتوسط في تعزيز الشراكة بين بلدانها وفي منطقة المتوسط والعالم، وفي بناءِ فضاءٍ اقتصادي دامجٍ، يزدهر في إطار الاستقرار والسلم والديموقراطية وينعم الجميع بِثِمارِه، وتسودُ فيه قِيَمُ التسامح والتعايشِ، وأساسا الاحترام المتبادل.
وأكد الطالبي العلمي في كلمته أن هذه القوى السياسية في أوروبا “تشوِّش بل وتعرقل قيام شراكات متوازنة عادلة من خلال سعيها إلى فرض الوصاية على الشركاء والتدخل في شؤونهم الداخلية، وفي مؤسساتهم الدستورية واختصاصاتها”.
وتأسف رئيس مجلس على “التقارير الكاذبة والمضللة والمعزولة والمعدة تحت الطلب ولأهداف مُبَيَّتة، وجددُ إدانتنا الشديدة لهذه الممارسات كما تجسدت في توصية للبرلمان الأوروبي، مؤكدا أن الشراكات لا تستقيم مع إعطاء الدروس، ومع النزعات الأبوية، والاستعلاء، والوصاية، عِلْمًا بأن وضعنا المتقدم في علاقتنا مع الاتحاد الأروبي وشراكتنا الاستراتيجية معها مبنية على القيم والمبادئ قبل المنافع التي هي عديدة ونحن نفخر بذلك ونتشبت به”.
وأضاف الطالبي العلمي أن “كل الزميلات والزملاء، السيدات والسادة، شُهُودٌ على المساهمات المتميزة للمملكة المغربية في الشراكة الأرومتوسطية، وفي بناء آلياتها البرلمانية. فقد كان لبرلماننا مساهمة متميزة في مؤتمر الأمن والتعاون في المتوسط منذ مطلع التسعينات وفي تحويله إلى جمعية برلمانية، التي هي الإطار الذي يجمعنا اليوم، إذ ترأسنا دورتها التأسيسية ورئاستها في شخص الرئيس الفخري للمنظمة الذي تكرمونه اليوم، واحتضنا لاحقا العديد من اجتماعاتها”.
وذكر رئيس مجلس النواب بالمساهمة التي قدمتها المملكة لتأسيس المنتدى البرلماني الأرومتوسطي في 1998 الذي تحول إلى جمعية برلمانية في أثينا في 2004، والتي أصبحت بدورها تحمل اسم الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، وأضاف لعل أرشيف البرلمان الأروبي، السمعي – البصري والمكتوب يحتفظ بالاسهام الحاسم للبرلمان المغربي في الرئاسة المشتركة للمنتدى البرلماني الأرومتوسطي منذ تأسيسه وعلى مدى سنوات إلى حين تحويله إلى جمعية برلمانية، وما الذي تطلبه ذلك في السياق الذي تعرفونه جميعًا.
ومضى قائلا “إنكم شهود أيضًا على أن المملكة المغربية الدولة العريقة التي تسعد باستقبالكم، بلد، يتحمل مسؤولياته الدولية والإقليمية في مجموع القضايا الدولية الأساسية : مكافحة الإرهاب، والعمل من أجل السلم والتدبير الإنساني والتضامني للهجرة، والتصدي لأسباب الاختلالات المناخية والتضامن من أجل التنمية وتقاسم الخبرات وخاصة مع أشقائنا في القارة الإفريقية”.
وشدد المتحدث، على أن “بلدان جنوب وشرق المتوسط، ومنها المملكة المغربية، تتوفر على المؤسسات الدستورية، وعلى كل الآليات، وعلى الأحزاب، والهيئات المدنية لإعمال وصيانة حقوق الإنسان ومراقبة احترامها، وينبغي احترام مؤسساتها واختياراتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.
مضيفا أن “على الجميع أن يُدْركَ أن الديموقراطية، ليس وَصَفَاتٍ خارجية، إنها تراكماتٌ، وبناءُ ومؤسساتٍ علمًا بأن لا أحد يُنكر الشرط الأساسي لهذا البناء أَلَا وهو الانتخابات الحرة والنزيهة بمشاركة القوى السياسية المؤمنة بالديموقراطية، والتي تنظمها بلداننا على نحو منتظم”.
وخلص رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي إلى أن “قوة الحوض المتوسطي ليست في التشظي، والازدراء بالشركاء، ولكن بمدى التحلي بعقلانية العظماء مثل أرسطو وابن رشد وديكارت، وبمدى السعي الصادق إلى استعادة روح فاس وأثينا وغرناطة وروما والإسكندرية، بما هي روح التعايش والتسامح والمبادلات الثقافية والمادية”.