أيمن عنبر*
يشتد عود الأزمة ويتصلّب أكثر فأكثر بين المغرب وشريكه التقليدي الفرنسي إثر تفاقم الأزمة التي اندلعت بين الطرفين منذ أكثر من سنة وازدادت حدتها مؤخرا بعد مشاركة نواب فرنسيين في إصدار لائحة البرلمان الأوروبي حول حرية الصحافة بالمغرب.
فبعد نفي باريس وجود أي تصدع أو أزمة في علاقتها بالمملكة المغربية، جاء خبر إنهاء مهام السفير المغربي في فرنسا لنفي جميع الشائعات التي تصدرها باريس حول علاقتها بشريكها التقليدي مؤكدا بذلك أن الهوّة أعمق وأشد من أزمة التأشيرات أو غيرها.
على خلفية إنهاء مهام محمد بنشعبون، سفير المغرب لدى فرنسا بالتزامن مع نفس اليوم الذي صدر فيه قرار البرلمان الأوربي ضد المغرب، يقول رشيد لزرق الاستاذ الجامعي، إن “إنهاء مهام السفير قرار سيادي جاء بالتزامن مع قرار الاتحاد البرلمان الاوروبي ضد المغرب بدفع من فرنسا الأمر الذي أعاد التوتر على أشده بين فرنسا و المغرب”، و أضاف أن “فرنسا تعرف طبيعة النزاع المفتعل في قضية الصحراء و كانت هي الأنسب في توضيح موقفها و الدفاع عم مصالح شريكها الاستراتيجي وهو المغرب”.
وأكد المحلل السياسي في تصريح خص به موقع “الأول”، أن “المغرب نوع شركاءه ويأتي تغيير موفقه وفقا لمصالحه، الأمر الذي لازال العقل السياسي الفرنسي لم يهضم هذا المعطى و لازال يفكرون بمنطق استعماري، بحيث لم يستسغ ضياع المكانة التي كان يحظى بها من امتيازات”.
وأوضح المتحدث نفسه أن “باريس رفضت التعامل بمنطق الندية وتسعى إلى ابتزاز المغرب بدل الشراكة الاستراتيجية في وقت وضع المغرب محددات التعامل مع شركائه عنوانه الحفاظ على المصالح العليا للوطن”.
وشدد لزرق على أن “الأحكام والمغالطة التي تصدر ضد المغرب من خلال البرلمان الأوربي بدفع من فرنسا لا تسمح بفهم المغرب و قضيته العادلة، بل هي غير مثمرة، إذ قد تحرم فرنسا من إمكانية تعزيز علاقتنا مع شريك فرض نفسه في المنطقة. من الأكثر حنكة إذن أن نتوقف على التسويق لصورة سيئة عن هذا البلد واعتباره وفقا لقيمته الحقيقية”.
وأبرز المحلل السياسي أن “العقل الفرنسي مطالب بمراجعة تمثلاته، باعتبار المغرب من مستعمراته القديمة (حدائقه الخلفية) والحال أن المغرب خطط لبلوغ مصافِّ الدول الصاعدة بما يفرضه ذلك من تنويع شركائه، هذا مسار لم تستوعبه فرنسا بعدُ من خلال لعبها على منطق الاستعمار باستغلال التناقضات واللعب عليها عوض تأسيس لمنطق رابح ـ رابح وتنزيل شراكة استراتيجية تستوجب حرص كل طرف على المصالح العليا للطرف الآخر”.
وذكر المحلل السياسي أن “الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية واتجاه المغرب إلى عودة علاقته مع إسرائيل أشعر فرنسا بالتخوف في وقت تحولت توجهات الدبلوماسية الاقتصادية المغربية، من خلال فرضها التعامل بِندّية وخدمة القضايا الوطنية في إطار التحول واعتماد نموذج جديد يفرض تفعيل المقومات الداخلية والسياسية الخارجية لخدمة التنمية الوطنية ورفع تنافسية الاقتصاد المغربي في ظل تحديات كبرى تفرضها العولمة الاقتصادية فرضت تنويع الشركاء”.
وأورد لزرق أن “المغرب بما يحتله من مكانة جيو استراتيجية يمكنه استغلال موقعه لإحداث نقلة اقتصادية كبيرة، وبلوغ مصاف الدول الصاعدة، وتحرير الاقتصاد من التبعية المفرطة لفرنسا واعتماد دبلوماسية اقتصادية فعالة”.
وخلص المحلل السياسي إلى أن “هذا القرار يأتي في إطار خدمة ثوابت سياسة المغرب الخارجية التي تسعى لخدمة الوحدة الترابية والانفتاح على إفريقيا واستغلالها لولوج أسواق الجوار الإفريقي التي تعد أسواقاً استهلاكية واعدة قوامها 700 مليون نسمة وأرضاً خصبة للفرص الاستثمارية، بالنظر لحجم إمكانيات العمق الإفريقي وأهمية التجارة عبر المعابر وإحداث مناطق تبادل حر، كما أن المغرب ينوع شركاؤه بغاية مواجهة التحديات المفروضة، والاستفادة من الفرص عبر تعبئة الجهود الدبلوماسية لخدمة الاقتصاد من أجل تحقيق الإقلاع الوطني”.
*صحفي متدرب