عقب مرور سنة على صدورها، سجل نادي قضاة المغرب عددا من الملاحظات حول مدونة الأخلاقيات القضائية التي تحدد الضوابط والقواعد الواجب على القضاة الالتزام بها أثناء ممارستهم لمهامهم ومسؤولياتهم القضائية.

وشدد نادي قضاة المغرب على ضرورة إخضاع المذكرة الصادرة عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية العام الفائت، إلى تعديلات، مطالبين أيضا الرئيس المنتدب للمجلس المذكور، محمد عبد النباوي بإصدار دليل يضبط حدود ونطاق تدبير المسؤول القضائي لمهامه.

وقال النادي في مراسلة رفعها إلى عبد النباوي، تبعا للندوة العلمية التي نظمها “قضاة المغرب” بشراكة مع رئاسة النيابة العامة، شهر أبريل الفارط بمدينة سلا، في موضوع: “موقع الأخلاقيات القضائية في تدبير المحاكم: واقع وآفاق؟”، إن كل المشاركين في هذه الندوة أجمعوا على أن القيم والمبادئ المنصوص عليها في مدونة الأخلاقيات القضائية، تشمل، أيضا، المسؤولين القضائيين المكلفين بمهام تدبير الإدارة القضائية بالمحاكم، وذلك في حدود ما يشتركون فيه مع عموم القضاة، خصوصا في الشق المتعلق بمهامهم القضائية المتمثلة في ممارسة القضاء الاستعجالي وإصدار الأوامر المبنية على طلب والأوامر بالأداء، فضلا عن واجب التحفظ، وعدم استغلال الصفة القضائية في قضاء المصالح الشخصية، والتقيد بآداب القضاء بصفة عامة.

غير أن هذه المقتضيات، توضح المراسلة، لا تستوعب كل أنماط السلوك المترتبة عن بعض المهام الأخرى المسندة إلى المسؤولين القضائيين، حيث ظلت خارجة عن دائرة التنظيم بمقتضى المدونة المذكورة، شأنها شأن مهام أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في طليعتها السلوكات المتعلقة بنظام تقييم القضاة، وهو النظام الذي يدعو النادي إلى إعادة النظر فيه وتأطيره بشكل دقيق، ضمانا لموضوعيته وحياديته، علاوة على حمايته من الخضوع لرغبات وميولات المسؤول القضائي خوفا من احتمال استغلاله في التأثير على استقلالية القضاة.

كما سجل النادي أن السلوكات المتعلقة بتدبير الجمعيات العامة داخل المحاكم، والتي قد تتولد عما يسند بموجب هذه الأخيرة إلى المسؤول القضائي من صلاحيات وأدوار مهمة قد تؤدي إلى تقزيم دور القضاة والتأثير على استقلاليتهم، مما ينبغي معه، بحسبهم، الاهتمام بها وضبط صلاحيات كل طرف فيها على حدة بشكل واضح وجلي.

كذلك، يتخوف النادي من أن تتأثر السلوكات المتعلقة بإجراء تعيين القاضي المقرر في المادة المدنية والتجارية والإدارية، بطبيعة العلاقة التي تجمع المسؤول القضائي بالقاضي المعين، وبالتالي التأثير على حسن سير العدالة وعلى الأداء القضائي لهذا الأخير، إضافة إلى السلوكات المرتبطة بالإدارة القضائية، التي قد تُوسَم ببعض مظاهر التأثير على العمل القضائي، وهو ما يتعين معه تحسين تدبيرها بما يتلاءم ومبدأ استقلالية السلطة القضائية، مع إخضاعها لضوابط أخلاقية وسلوكية واضحة ودقيقة.

سلوكات المسؤول القضائي بالنيابة العامة، والمتعلقة باختيار قضاة التحقيق، والسلوكات المتعلقة بمهام التأطير القضائي هي الأخرى يجب أن تقيد بما يلزم من الضوابط المعيارية والأخلاقية، يؤكد قضاة النادي، إلى جانب السلوكات المتعلقة بمهام الاستشارة الأخلاقية، حتى لا تُستغل في التأثير على استقلالية القضاة، أو في تقوية مركز الإدارة القضائية على حساب العمل القضائي، مع ما يتطلبه ذلك من إعادة النظر في الجمع بينها وبين مهام المسؤولية بما يكفل تفعيلها على أرض الواقع بشكل يحقق الهدف من وراء سن مدونة الأخلاقيات.

على صعيد آخر، أكد نادي قضاة المغرب على ضرورة تخليق ودعم استقلالية المسؤول القضائي قبل القضاة، وذلك عن طريق وضع معايير واضحة في اختياره وتعيينه، أهمها: النزاهة، والاستقلالية، والكفاءة، وحسن التواصل، مع عقد المسؤول القضائي للقاءات دورية مع القضاة العاملين إلى جانبه من أجل مناقشة ومدارسة مدونة الأخلاقيات القضائية، بهدف تحسيسهم بالالتزامات المضمنة بها وفق ما يستحدث من وقائع وأحداث على أرض الواقع.

وتوقفت المراسلة أيضا عند ضرورة إرشاد القاضي إلى دوره الرقابي المتعلق بتصريف الأشغال داخل المحكمة، خصوصا على مستوى الإجراءات المتخذة أثناء الجلسات، وكيفية عقد هذه الأخيرة، في حدود ما يتيح له التقييم الموضوعي للقضاة المعنيين بها، دون أن يتجاوز ذلك إلى التدخل في جوهر تلك الإجراءات التي يتم تصريفها عن طريق أوامر ولائية قضائية منبثقة عن إعمال أولئك القضاة لسلطتهم التقديرية، وتحسيس القضاة، أنفسهم، بهذا الدور الرقابي، مع وضع فواصل دقيقة توضح الجائز من غيره بخصوص نطاق دور المسؤول القضائي في هذه العملية.

ودعا القضاة أيضا عبد النباوي إلى العمل على إرشاد المسؤول القضائي إلى ضرورة القطع مع بعض الممارسات السلبية في تدبير الجمعيات العامة داخل المحاكم، وحثه على اعتماد المقاربة التشاركية مع القضاة في إعداد برنامج توزيع الأشغال بينهم، لما في ذلك من دعم لاستقلاليتهم، وبالتالي استقلالية السلطة القضائية، وبما يتوافق مع مبدأ ضمان الحفاظ على المصلحة العامة للمحكمة وحسن سير المرفق القضائي، مع تحسيسه بمراحل إعداد الجمعية العامة داخل المحاكم، وتوصيته بعدم احتكار إعدادها وأشغالها بما يؤدي إلى تغييب دور القضاة فيها، وكذا تحسيسه، أيضا، بخطورة تغيير برنامج الأشغال داخل المحكمة بعد المصادقة عليه من قبل الجمعية العامة، أو تعديله في إطار التفويض الممنوح له بمقتضى محضر الجمعية دون الدعوة إلى عقد جميعة استثنائية خلافا للقانون.

 

التعليقات على “قضاة المغرب” يطالبون بتعديل مدونة الأخلاقيات وإصدار دليل لضبط تدبير المسؤول القضائي لمهامه مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

بعد إقالة العامل.. فيدرالية اليسار: تمارة تحولت إلى بؤرة للفساد والنهب والاغتناء غير المشروع لبعض رجال السلطة والنافذين

قالت فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن تمارة تعرف وضعا اجتماعيا وصفته بـ “المقلق”…