حددت لجنة صياغة النمودج التنموي الجديد في تقريرها النهائي الذي قدمته، أمس الثلاثاء، للملك محمد السادس، مجموعة من الأهداف للوصول إليها في حدود سنة 2035 مرتبطة بجميع المجالات المجتمعية والمحقّقة للتنمية الشاملة، بناءً على تشخيص للوضع الحالي، وبإعتماد الاطلاع على وجهات نظر مختلف القوى والفعاليات المجتمعية سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، بالإضافة إلى أراء مجموعة كبيرة من المواطنين بمختلف المدن والجهات المغربية.

وقال شكيب بنموسى، رئيس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي في ندوة صحفية لتقديم التقرير الخاص بالنموذج التنموي صباح اليوم الأربعاء، إن هذا الأخير يرتكز أساسا على الانفتاح والحوار اللذين تتميز بهما المملكة، مما يمكن المواطن المغربي من هوية مواطنة متجددة.

وأبرز أن التقرير يسطر أيضا مراحل مسيرة جديدة نحو الأهداف المنشودة، ويحدد بعض الاختيارات الاستراتيجية، فضلا عن تطرقه لآليات تعبئة جميع الفاعلين المعنيين وجميع المواطنين، وكذا لآليات التتبع لجعل هذه الأهداف وهذا الطموح واقعا حقيقيا بالنسبة لجميع المواطنين.

وأكد بنموسى على أن الهدف يتمثل في تحقيق الإنصاف لجميع المواطنين من خلال الرفع من قدراتهم وفتح المجال أمامهم لأخذ المبادرة والابتكار وتحسين ظروف عيشهم، فضلا عن خلق جو من الثقة في إطار مسؤولية جماعية، وفتح المجال أمام إصلاحات عميقة على مستوى تسيير مرافق الدولة لخلق شعور قوي بأن الكل معني بمسيرة التنمية.

وبالغوص في تفاصيل التقرير فقد وضعت اللجنة استراتيجيات في أهم القطاعات الحيوية، آخذةً بعين الاعتبار السياق المرتبط بالوضع الصحي الذي فرضته جائحة فيروس “كورونا” وما ترتب عنها من أزمة مركبة على جميع المستويات، الاقتصادية والجتماعية والثقافية.

وأكدت اللجنة في ملخص تقريرها الذي وضعت له عنون “من أجل ميثاق وطني جديد”، على أن الأهداف الصريحة والتي تشكل طموح وجب ترجمته على أرض الواقع، و المتمثلة في أهداف تنموية محددة وفي المتناول قصد الارتقاء بالمملكة لتتبوأ مكانتها ضمن الثلث الأول من ترتيب الدول في عدة مجالات في أفق 2035. وهو ما من شأنه أن يكرس خاصية المغرب كنموذج يحتذى به داخل محيطه الإقليمي وحتى الدولي. ومن بين هذه الاهداف، مضاعفة الناتج الداخلي الخام حسب الفرد في افق 2035 وضمان امتلاك 7.90 من التلاميذ للتعلمات الأساسية، بالإضافة الى الرفع من معدل التأطير الطبي للملاءمة مع معايير منظمة الصحة العالمية وتقليص نسبة الشغل في القطاع غير المهيكل إلى 7.20 ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 7.45 مقابل 7.22 حاليا والوصول الى نسبة رضا المواطنين عن الإدارة والخدمات العمومية تزيد عن 7.80.

وقالت اللجنة أن هذا الطموح يستدعي أكثر من أي وقت مضى التعبئة الشاملة للكفاءات على المستوى الوطني والمحلي والمهيئة بما يكفي لرفع تحديات التنمية في سياق وطني ودولي متحول يتسم بعدم اليقين وبتزايد حدة التعقيدات.

هذه الأهداف أو “الطموح”، حسب ملخص التقرير، جاء بناءً على تشخيص مفصلّ للواقع وصريح وشفاف، حيث قامت اللجنة بتحليل دقيق للنموذج التنموي الحالـي
قصد الوقوف على مكتسباته ومكامن ضعفه والهوامش المتاحة لتحسينه، موضحةً: “عرف المغرب منذ أواسط التسعينات زخما إصلاحيا تسارعت وتيرته في عقد 2000 مما ساهم في إطلاق دينامية تنموية حميدة وتعبوية. ولقد مكن تحديث البنية التحتية وإطلاق العديد من الاستراتيجيات القطاعية وانخراط المغرب في برنامج طموح ورائد في مجال الطاقات المتجددة من إيجاد حلول اقتصادية وجيهة واساسية لبناء المستقبل. ومكنت برامج كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ونظام المساعدة الطية، فضلا عن تعميم التعليم وفك العزلة عن العالم القروي وربطه بشبكة الكهرباء وكذا محاربة السكن غير اللائق من تقليص العجز في المجال الاجتماعي وتسجيل انخفاض ملموس في
معدل الفقر. وفي نفس السياق، تم إحراز تقدم مهم بفضل تنفيذ مجموعة من الاصلاحات الجريئة همت على سبيل المثال مدونة الأسرة وإعادة هيكلة الحقل الديني والإقرار بالتعددية الثقافية وإضفاء الطابع المؤسساتي عليها”.

وتابعت اللجنة، “وفي مواجهة الاضطرابات التي هزت الجوار الإقليمي في عام 2011 تمكنت المملكة في المقابل من إيجاد حلول تبعث على الأمل وتستجيب لانتظارات المواطنين والطبقة السياسية. وعلى الرغم من كل ذلك، ونتيجة لتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي وتفاقم الفوارق، خيم على البلاد مناخ اتسم بأزمة ثقة ألقت بظلالها على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

كما أن العديد من الإصلاحات المعلن عنها من أعلى مستوى في الدولة (التحول الاقتصادي، التربية والتكوين، الصحة والحماية الاجتماعية، الحفاظ على الثروات الطبيعية، الجهوية…)، حسب التقرير، تعاني من بطء في التنزيل وتعترضها عدة مقاومات للتغيير، مما يفضي إلى نتائج ليست في مستوى التطلعات والآمال المعقودة عند إطلاق هذه الاصلاحات، وهو ما يثير تساؤلات المواطنين ويساهم في إضعاف منسوب الثقة.

وقد رصدت اللجنة في هذا السياق، أربع معيقات تحد من مردودية النموذج التنموي الحالي: 1) غيات الانسجام بين الرؤية التنموية والسياسيات العمومية المعلن عنها وكذا ضعف الالتقائية بين هذه السياسات. ويتجسد هذا الإشكال في غياب رؤية استراتيجية شاملة تندرج في الأفق الزمني البعيد، بالاضافة إلى إصلاحات يتم وضعها بطريقة منعزلة وبدون مرجعية واضحة مما لا يساعد على ترتيب الأولويات والأخذ بعين الاعتبار الموارد المتوفرة والقدرات الحقيقية للفاعلين؛ 2) بطء التحول الهيكلي للاقتصاد جراء التكلفة المرتفعة لعوامل الإنتاج التي تعيق تنافسية المقاولات وضعف الانفتاح على فاعلين جدد أكثر إبداعا وتنافسية.

واعتبرت اللجنة أن هذا العائق مرتبط بقلة نجاعة منظومة الضبط وعدم الاستفادة بشكل أمثل من آليات التحفيز الاقتصادي التي تضعف روح المجازفة وتغذي منطق الريع داخل القطاعات التقليدية وتحمي المصالح الضيقة بدل المصلحة العامة؛ 3) محدودية قدرات القطاع العام في صياغة وبلورة خدمات عمومية سهلة الولوج وذات جودة تهم المجالات الأساسية للحياة اليومية للمواطنين ورفاهيتهم.

موضحةً، فالقطاع علوية وممركزة وبمنطق لا يعتمد بشكل كاف على المردودية والنتائج ولا يسمح العام يشتغل بصفة بتطوير رؤية استراتيجية للاضطلاع بدوره في إطلاق ومواكبة العديد من أوراش التحول؛ 4) الشعور بضعف الحماية القضائية وعدم القدرة على التوقع الذي يحد من المبادرات بسبب الهوة ما بين بعض القوانين والواقع الاجتماعي وقضاء يعاني من ضعف الثقة إضافة إلى ثقل البيروقراطية وتعثر سبل الانتصاف.

وأشارت إلى أن هذه المعيقات أيضا، نتاجا لتمثلات تعتبر الرقابة الممنهجة والمركزية بمثابـة أنماط مثلى لتدبير التنمية وترى أن بعض الفئات (المواطنون، الشباب، القطاع الخاص، المجتمع المدني) لا ترقى إلى مستوى شريك موثوق به كما ترى أن التقاليد لا تتلاءم مع التقدم والحداثة.

واقترحت اللجنة ما وصفته بـ”خيارات استراتيجية من شأنها إطلاق دينامية جديدة لخلق الثروة تمكن من إدماج جميع المواطنين وجميع المجالات الترابية وتعبئ إمكانات البلاد وتغتنم كافة الفرص المتاحة. بعض من هذه الخيارات تتضمن تعزيز ما هو قائم أو تسريع وتيرة الإصلاحات الجارية. وهناك خيارات أخرى هي بمثابة قطيعة مع الوضع الراهن، على الأقل فيما يخص المنهجية، أو فيما يتعلق بالهدف المنشود، مما يستدعي تغييرا عميقا في طرق العمل والذهنيات”.

فعلى المستوى الاقتصادي، اعتبر اللجنة أنه “من الضروري تسريع وتيرة التحول الهيكلي للاقتصاد الوطني قصد جعله أكثر دينامية وتنوعا وتنافسية، وقدرة على خلق مزيد من القيمة المضافة ومناصب الشغل ذات جودة ومدرا للموارد من أجل تمويل الحاحيات الاجتماعية”.

ولهذا، تؤكد اللجنة في تقريرها على أنه ” يجب التركيز على دعم قدرات الاقتصاد الوطني من حيث الصمود والتكيف سواء مع تبعات الأزمة الحالية أو مع أزمات أخرى التي من المتوقع أن تزداد وتيرتها وحدتها مستقبلا. وباعتباره دعامة لمغرب مزدهر، فإن التحول الهيكلي للاقتصاد يفرض تحديدا: 1) تحرير المبادرة الخاصة وبث روح المقاولة من خلال مناخ أعمال شفاف ومطمئن وتوقعي وعبر مساطر مبسطة وتقنين مستقل يحفز بشكل ملموس ولوج فاعلين جدد أكثر إبداعا؛ 2) تحسين تنافسية النسيج الاقتصادي عبر التقليص من تكلفة عوامل الإنتاج وبشكل خاص الطاقة واللوجستيك؛ 3) توحيه استثمارات القطاع الخاص سواء تعلق الأمر بكبريات الشركات أو المقاولات الصغرى والمتوسطة نحو القطاعات الرائدة والمستقبلية وأيضا نحو الارتقاء بالنظام الإنتاجي وذلك عبر إطار تحفيزي ملائم والولوج الموسع إلى آليات التمويل المتعددة وكذا عبر مواكبة المقاولات لتعزيز قدراتها التدبيرية والتنظيمية والتكنولوجية؛ 4) تثمين الاقتصاد الاجتماعي وجعله دعامة للتنمية ومصدرا لخلق فرص الشغل اللائق داخل المجالات الترابية”.

وشدّدت اللجنة على ضرورة اعتماد مقاربة نسقية ومندمجة، فحيث قالت إنها “تطرقت بدقة لبعض الأنشطة القطاعية، اعتبارا لمكانتها في الاقتصاد الوطني ونتيجة للإشكاليات التي طرحتها أزمة كوفيد-19 على مستقبل هذه القطاعات، خصوصا فيما يتعلق بقضايا السيادة والقدرة على مواجهة الأزمات. ويتعلق الأمر بكل من قطاعي الفلاحة والسياحة”.

بالنسبة للقطاع الفلاحي، تقول اللجنة إن “الأزمة الصحية الراهنة أبرزت الرهانات المرتبطة بالسيادة الغذائية وضرورة تطوير فلاحة عصرية وذات قيمة مضافة عالية، دامجة وتكرس معايير المسؤولية الاجتماعية والبيئية. وبالإضافة الى تقوية اندماج سلاسل القيمة الفلاحية، من أجل تثمين أفضل للإنتاج المحلي، وإيلاء الأهمية لاستدامة الموارد خصوصا الماء، فإن ترسيخ السيادة الغدائية يستدعي تحفيز أنشطة البحث والابتكار وإرساء حكامة شمولية أكثر تنسيقا على مستوى المجالات الترابيـة”.

فيما يتعلق بقطاع السياحة، فـ”إن آثار الأزمة الصحية تجعل من الضروري إعادة التفكير في تطور هذا القطاع وفق مقاربة ترتكز على الاستدامة ودعم قدرات الصمود أمام الأزمات. ويحتاج هذا القطاع إلى نفس جديد، يمتد على المدى المتوسط والبعيد، ويرتكز على تثمين مؤهلات كافة المجالات الترابية، قصد تحفيز السياحة الداخلية وكذا الرفع من جاذبية القطاع لبعض مكونات الطلب الخارجي”.

ولهذا الغرض، “يتحتم تكميل عرض الإيواء بعرض يخص التنشيط وتقديم تجارب متنوعة ذات جودة، وفق مقاربة منظوماتية، وكذا دعم ريادة الاعمال وتعزيز الكفاءات في مجال الخدمات السياحية وتسريع التحول الرقمي للقطاع، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق على المستويين الاستراتيجي والعملي”.

وأوضحت اللجنة في تقريرها أن تجويد الرأسمال البشري من أجل مغرب الكفاءات، يُشكل أمرا ضروريا لتحريك آليات الارتقاء الاجتماعي ولتمكين المغرب من التحسين الكبير لترتيبه ضمن التصنيفات العالمية ذات الصلة وذلك بفضل الترسيخ القوي لاقتصاد المعرفة.

وفي مجالي الصحة والتعليم، بـ”اعتبارهما ركائز هامة لتجويد الرأسمال البشري”، فإن اللجنة تقترح: “1) التعزيز الجوهري لعرض الخدمات العمومية بمجموع المجالات الترابية وضمان الولوج المنصف إليها وذلك إلى جانب قطاع خاص كشريك مسؤول ونزيه ؛ 2) التركيز على جودة الخدمات وتقييمها انطلاقا من المعارف المكتسبة من طرف التلاميذ ومن مستوى كفاءات الطلبة وقابليتهم لولوج سوق الشغل وكذا عبر عرض صحي يواكب التعميم الفعلي للتغطية الصحية؛ 3) تثمين الموارد البشرية وتقوية قدراتها
سواء بالنسبة للأساتذة والباحثين أو الأطباء ومستخدمي القطاع الصحي”.

وفي هاذين القطاعين، حسب التقرير، “لا يمكن تجويد أداء ونجاعة المرافق العمومية دون حكامة ترابية واستقلالية أكبر للمؤسسات التعليمية والجامعات والمراكز الاستشفائية. ويتحقق كل ذلك في إطار من المسؤولية إزاء الالتزامات المبنية على النتائج والنجاعة وآليات منتظمة للتقييم. وبشكل أكثر تحديدا، ترى اللجنة أنه بالإضافة الى مهمتها الجوهرية فيما يتعلق بالتكوين وتنمية القدرات، فإن المدرسة المغربية يتحتم عليها الاضطلاع بدور هام في مجال نشر وترسيخ القيم، من على تاريخنا العريق. وغنى وتنوع ثقافتنا الوطنية وارتباطنا خلال تربية وطنية ودينية متجددة، تستند بمنهج الإسلام المنبني على التالف والتضامن. وعبر تطوير قيم المواطنة، التي تكرس احترام الآخر بمنأى عن الاختلافات، وأهمية المنفعة المشتركة وسمو المصلحة العامـة والمشـاركة المواطنـة، فإنـه بالإمكان تقوية الشعور بالانتماء للوطن وترسيخ التشبث بثوابت الأمة”.

في قطاع الصحة، إن “التحديات الجديدة التي تطرحها أزمة كوفيد 19 والمخاطر المحتملة لظهور أزمات صحية مستقبلا، تجعل من الضروري والملح تقوية قدرات منظومة الصحة من حيث اليقظة والوقاية والصمود. وبالموازاة مع تعزيز الجهود المبذولة حاليا من أجل استدراك التأخر الهيكلي ومقاومة آثـار الجائحة الحالية، سيكون من المهم بذل جهود كبيـرة لتقويـة السـيادة الوطنيـة فـي مجـال الصحـة عبـر تطويـر صناعـة صيدليـة وطبيـة تكـون قـادرة علـى إنتـاج األدويـة، واللقاحـات وإجـراء الفحـوص فضـا عـن
المعـدات الطبيـة والمسـتهلكات الطبيـة، لالسـتجابة للحاجيـات الوطنيـة فـي هـذا المجـال وأيضـا لتلبيـة طلـب البلـدان االفريقيـة”.

واقترحت اللجنة في تقريرها أليات لتفعيل النموذج التمنوي الجديد، موضحةً في البداية أن تفعيـل النمـوذج التنمـوي الجديـد يسـتدعي “قيـادة قـادرة علـى خلـق ظـروف التملـك الجماعـي مـن طـرف كافـة القـوى الحيـة لهـذا النمـوذج وضمـان تتبـع تنفيـذه”.

وترتكـز هـذه القيـادة، حسب اللجنة، علـى “خصوصيـة المغـرب بالنظر إلـى المكانـة المركزيـة للمؤسسـة الملكيـة لكونهـا حاملـة للرؤيـة التنمويـة ولـأوراش االسـتراتيجية ذات البعـد الزمنـي الطويـل وحريصـة علـى تتبعهـا وتنفيذهـا بمـا يضمـن مصلحـة المواطنيـن”.

وفي هذا السياق، تقترح اللجنة في تقريرها، آليتين لمواكبة تنزيل النموذج التنموي الجديد؛ تتمثـل الآليـة الأولـى فـي ميثـاق وطنـي للتنميـة يهـدف إلـى تكريـس التـزام كافـة القـوى الحيـة للبـاد اتجـاه أفـق تنمـوي جديـد ومرجعيـة مشـتركة، وسيشـكل هـذا الميثـاق اإلطـار العـام لتناسـق وتظافـر الجهـود بيـن مجمـوع الفاعليـن ولتحديـد الأولويـات الاسـتراتيجية التـي تؤطـر عمليـة تخصيـص المـوارد”.

وقالت اللجنة إن الميثـاق يرتكز أيضـا علـى الخيـارات الأساسـية للتنميـة باعتبارهـا قاعـدة مشـتركة بيـن مكونـات الأمـة وذلـك مـن أجـل فسـح المجـال للخيـارات المتعـددة للفاعليـن السياسـيين فيمـا يخـص تفعيـل السياسـات العموميـة، ومن خـال قدرته علـى توفيـر قـراءة واضحـة للخيـارات التنمويـة الكبـرى للبـلاد علـى المـدى المتوسـط والبعيـد سيسـاهم هـذاذ الميثـاق فـي الإشـعاع الدولـي للمملكـة والرفـع مـن جاذبيتهـا.

كما أنه مـن الممكـن اعتمـاد هـذا الميثـاق بصفـة علنيـة مـن طـرف المعنييـن، مؤكدةً (اللجنة) على أنه سيشكل التزامـاً سياسـياً ومعنوياً قويـاً أمـام الملـك وأمـام الأمـة برمتها، وسـيكون هـذا الميثـاق أداة لتجديد علاقـة الدولـة بالفاعلين فـي مجـال التنميـة وسـيمهد الطريـق لمرحلـة تاريخيـة جديـدة فـي مسـار التنميـة بالبـاد، سـواء علـى مسـتوى رمزيتـه أو طابعـه الإسـتراتيجي وخاصيتـه الوظيفية.

وتابعت اللجنة: “يتمثــل المقتــرح الثانــي فــي إحــداث آليــة، تحــت إشــراف الملــك، لتتبــع وتحفيــز الأوراش الاسـتراتيجية وقيـادة التغييـر. ومـن خـلال العمـل علـى الانسـجام الشـمولي والموائمـة الاسـتراتيجية فـي اتجـاه الأفـق المنشـود عبـر تحفيـز ودعـم الإصالحـات التحوليـة سـتمكن هـذه الآليـة مـن تكريـس مسـؤولية
الجهــات المعنيــة وتعزيــز الأداء العــام.

وأفادت اللجنة، أنه مـن شـأن هـذه الآليـة أن تضطلـع بالمهـام التاليـة: 1 التعريـف بالنمـوذج التنمـوي الجديد  (المرجعيـة والميثاق الوطنـي للتنميـة) وضمـان نشـره علـى نطـاق واسـع عبـر مختلـف وسـائل االتصـال واإلعـام؛ 2 وضـع تصـور للأدوات المنهجيــة الهادفــة إلــى تيســير ســبل التنفيــذ المنســجم والفعــال للنمــوذج التنمــوي ووضعهــا رهــن إشـارة الهيئـات والسـلطات المعنيـة؛ 3 ضمـان تجانـس االسـتراتيجيات واإلصالحـات المقترحـة إلرسـاء النمـوذج التنمـوي الجديـد، مـع الإطـار المرجعـي والميثـاق الوطنـي للتنميـة وذلـك قبـل اعتمادهـا مـن طـرف السـلطات المختصــة مــن خــال صياغــة الآراء والتوصيــات؛ 4 العمــل علــى تتبــع تنفيــذ المشــاريع الاســتراتيجية التــي تقودهـا السـلطات المسـؤولة ورفـع تقريـر بخصـوص هـذه المشـاريع إلـى الملك؛ 5 مواكبـة قيـادة التغييـر وفقـا للتعليمـات الملكيـة السـامية مـن خلال المسـاهمة في إعداد مشـاريع اسـتراتيجية لدعم السـلطات والهيئـات المختصـة و لتجريـب الأوراش المبتكـرة ولتطويـر مسـالك تنفيذيـة متعلقـة بالتكويـن الميدانـي وإدارة
التغييـر داخـل الجامعـات ومعاهـد التكويـن المتخصصـة.

 

 

التعليقات على  تفاصيل النموذج التنموي الجديد.. حدّد مكامن الخلل ونقط القوة واقترح استراتيجيات دقيقة من أجل بلوغ “الطموح” سنة 2035 مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

انتهاء “أزمة” إضراب المحامين.. فرضوا على وهبي “التنازل” في مجموعة من النقط وهذه أهم الاتفاقات

أعلن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب رسمياً، أمس الاثنين، إنهاء مقاطعة الجلسات في مختلف …