حكيم النادي (و م ع)

كان يكفي نشر بعضا من صور مقهى (مور) الكائنة بقصبة الأوداية ، الخاضعة حاليا لعملية ترميم ، على مواقع التواصل الاجتماعي مرفوقة بتعليقات منتقدة، لإثارة استياء ساكنة العاصمة ومغاربة وأجانب عن مآل هذه المقهى التي تشكل أحد رموز التراث الثقافي لمدينة الرباط.

هذه الصور المتداولة ، عن قصدا أو غير قصد ، على عدد من صفحات الفايسبوك أو مواقع إخبارية، لا تعكس كل الحقيقة. وما نقلته من حيطان بيضاء وبعض المصابيح من دون نقلها أشياء من الديكور التقليدي للمقهى، هي جزء يسير من الأثاث العام لهذا الفضاء، لكنها أثارت ضجة بين مستخدمي الأنترنيت.

وفي عين المكان، وقفت قناة (إم 24) التابعة للمجموعة الإعلامية لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن سير أشغال الترميم التي لم تنته بعد، حيث يتم فيها احترام هوية المقهى ومكوناتها الهيكلية والهندسية الأصيلة من زليج تقليدي وأخشاب وحصير، إضافة إلى أغراس طبيعية تم زرعها وقد أينعت وكأنها تستحث على إعادة فتح المقهى أمام الزوار في أقرب الآجال.

وفي حديثه ل(إم 24)، كان المدير الجهوي للثقافة بجهة الرباط-سلا-القنيطرة عزالدين كارا واثقا من أن المقهى ستستعيد هويتها كما كانت عليه قبل أزيد من قرن من الزمن.

وحرص كارا على التذكير بأن مقهى (مور) التي بنيت مع مطلع القرن ال20، خضعت لتعديلات عدة، آخرها ما عرفته من إصلاح مع بداية ثمانينيات القرن الماضي، شمل على الخصوص إدخال الإسمنت المسلح.

كما أن بعض التعديلات المحدثة حجبت بشكل كلي تقريبا الإطلالة على نهر أبي رقراق والمحيط، وهو المنظر الذي أكسبها صيتها المعروفة به. “لذلك عمدنا إلى إزالة ما أضيف بشكل خادش لصورتها الأصلية”.

وأكد كارا أن أشغال الترميم وإعادة الاعتبار جارية باحترافية، موضحا أنه قبل مباشرة هذه الأشغال، تم القيام بدراسات كثيفة مسبقة بغرض الحفاظ على ذاكرة المقهى كما كانت عليه عند بنائها، والإبقاء على هويتها.

وللحفاظ على الطابع الأصلي للمكان، تم الاستعانة بعدد كبير من الصناع التقليديين و”المعلمين” الذين وظفوا خبرتهم في مجالات عدة كالزليج والخشب والحديد الملين أو الحصير.

وحسب المدير الجهوي للثقافة، فإن هؤلاء الصناع المختصين المنحدرين من مدن مغربية مختلفة، آبانوا طيلة مراحل هذا الورش عن كفاءة عالية ودراية ، كل في مجال تخصصه ، في التعامل مع كل ركن ومع كل تفاصيل هذا الفضاء العريق.

وفيما يتعلق بتاريخ اعادة افتتاح المقهى، أفاد المتحدث بأن الأشغال تقترب من نهايتها، وأن “أبرز معالم الترميم قد أنجزت، ولم يتبق سوى روتوشات بسيطة تهم بالأساس النباتات”.

ولمقهى (مور) مكانة خاصة لدى الرباطيين ولدى المغاربة والأجانب. ومنذ إغلاقها للترميم، يتوق مرتادوها لإعادة فتحها في أقرب الآجال للاستمتاع بجمالية المكان.

وأمام الباب الحديدي للمقهى، وقفت أسرة فرنسية من زوجين وطفليهما وقد تساءلت عن سر إغلاق الفضاء. “جئنا لارتشاف كأس شاي وتذوق الحلوى المشكلة من اللوز (طبقان عرفت بهما المقهى)، ولم نكن نعلم أنها تخضع للترميم”.

وتابعت “لقد اعتدنا على ارتيادها كل ما سنحت لنا فرصة التواجد في الرباط، لاسيما في فصل الربيع أو عندما يكون الجو صحوا”، مشيدة بأعمال الترميم هاته و”التي ستبعث روحا جديدة في هذا الفضاء التاريخي”.

وبدوره، لم يخف طه الناجي وهو أحد ساكنة قصبة الأوداية تحيته للصناع التقليديين “الذين قاموا بعمل كبير من أجل ترميم هذا التراث العالمي”، مبرزا الاهتمام الذي يوليه المسؤولون لمقهى (مور).

وقال طه وهو فاعل جمعوي يهتم بتنمية القصبة “نحن سعداء بأن يعود هذا الفضاء أكثر جمالا”، مسجلا أن المقهى ، ذات الصيت العالمي ، مكان جذاب، ومضيفا أنها “قيمة مضافة لقصبة الأوداية”.

وتندرج هذه الأشغال في إطار مشروع شامل لإعادة الاعتبار لعدد من مكونات القصبة، منها على الخصوص الأسوار والبوابات الضخمة والمتاحف والحدائق الأندلسية.

التعليقات على مقهى “مور” بقصبة الأوداية بالرباط.. فضاء عريق يستعيد هويته مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

أمن البيضاء يكشف تفاصيل توقيف شخص في حالة سكر صعد فوق سيارة للشرطة

تفاعلت ولاية أمن الدار البيضاء، بسرعة وجدية كبيرة، مع شريط فيديو منشور على صفحات مواقع الت…