تعيش إسبانيا خلال السنوات القليلة الماضية، عددا من الفضائح التي ارتبطت إما بفساد الأسرة الملكية أو بفساد القوى السياسية وما قامت به من مكائد ضد بعضها البعض.

هذه الفضائح بدأت تطفوا على السطح بعد ظهور شخصية واحدة كانت في صلب المكائد والدسائس، وهو “خوسيه مانويل فياريخو”، وهو مخبر سري، ظلت هويته طي الكتمان وكان هذا الوضع أهم شيء بالنسبة إليه.

ويواجه فياريخو اليوم سلسلة من المحاكمات الجنائية حيث تكشف جلسات المحاكم الإسبانية عن معاملاته من خلال أكثر من 25 تحقيقاً مستقلاً.

أمضى مفوض الشرطة السابق والبالغ من العمر 69 عاماً، السنوات الثلاث الماضية في الحجز المؤقت بعد أن اعتقلته السلطات القضائية في منزله بالقرب من مدريد.

عثرت الشرطة في منزل فياريخو على كنز من الملفات والوثائق، من بينها مكالمات صوتية مسجلة سراً لعدد كبير من الساسة والشخصيات العامة الفاعلة في المجتمع الاسباني خلال العقود القليلة الماضية.

ومنذ اعتقاله، تسببت المقاطع المسربة من الأشرطة الصوتية التي كانت بحوزته في سلسلة من الفضائح. وكان على رأس هذه الأشرطة محادثة صوتية لكورينا زو ساين فيتكنشتاين، العشيقة السابقة لملك اسبانيا السابق خوان كارلوس.

أدى حديثها الصريح والمسجل خلال عامي 2015 و2016 عن تلقي العاهل الاسباني السابق لعمولات بملايين الدولارات عن صفقات مع دول عربية في فتح تحقيقات في عمليات غسيل أموال في سويسرا وإسبانيا.

وينفي خوان كارلوس المقيم حالياً في منفاه الاختياري في الإمارات العربية المتحدة، ارتكاب أي مخالفة وقال إنه على استعداد لمقابلة الادعاء العام في أي لحظة.

فساد الحزب الشعبي الإسباني الحاكم

أكبر الفضائح التي شهدها المشهد السياسي الإسباني خلال السنوات القليلة الماضية، ظهرت بعد تورط “فياريخو” في تدبير محاولة سرقة وثائق من أمين سابق لصندوق الحزب الحاكم السابق، الحزب الشعبي، خلال عهد رئيس الوزراء المحافظ السابق ماريانو راخوي.

وتم القبض على لويس بارسيناس وسجنه في عام 2013 بسبب تلاعبه بالقيود المالية للحزب وتلقي الحزب تبرعات نقدية مشبوهة من شركات مقابل الحصول على عقود حكومية.

ووفقاً لتحقيقات الإدعاء العام التي نشرت العام الماضي قام فياريجو وضباط شرطة آخرون وبناءً على أوامر من مسؤولين في وزارة الداخلية بعملية تجسس بحثاً عن الملفات التي كانت بحوزة بارسيناس أو زوجته وإتلافها، وبالتالي إخفاء الأدلة عن القضاء الذي كان يحقق وقتها في الشؤون المالية للحزب الشعبي.

في عام 2018 حُكم على بارسيناس بالسجن 33 عاماً بتهمة غسيل الأموال والتهرب الضريبي كما أدين الحزب ككيان وفرضت عليه غرامة مالية.

وتوالت قضايا الفساد المالي خلال سنوات العقد الأخير، الواحدة تلوى الأخرى و التي تهم أعضاء بارزين من الحزب الشعبي الإسباني الحاكم، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي، و كانت من بينها استدعاء رئيس الوزراء، ماريانو راخوي، سنة 2018 ليمثل أمام المحكمة للإدلاء بإفادته على خلفية محاكمة شبكة “غورتيل” واسعة الفساد و التي تورط فيها مسؤولون من الحزب الشعبي وهو حزب رئيس الحكومة الذي يحاول جاهدا ان ينأى بنفسه عن سلسلة من فضائح الفساد المحيطة بحزبه.

وتورط في قضايا الفساد المالي رؤساء حكومات تابعون للحزب الشعبي ورؤساء بلديات ونواب برلمان ووزراء، أبرزهم مدير صندوق النقد الدولي السابق، رودريغو راطو، ووزيرة الصحة السابقة آنا ماتو، و غيرهم كثير.

ومنذ بداية سنة 2011، بلغ عدد المعتقلين والموقوفين بتهمة الفساد المالي حوالي سبعة آلاف شخص، منهم نسبة عالية من الأحزاب السياسية، سواء الحزب الشعبي الحاكم أو الحزب الاشتراكي المعارض، بالإضافة إلى قوى سياسية صغيرة في بعض مناطق الحكم الذاتي مثل كاتالونيا.

و تحول الفساد المالي إلى حديث وسائل الإعلام الإسبانية بشكل يومي، حيث تقدر الاختلاسات بمئات الملايين من اليورو، و تفجرت عندما كشف المسؤول المالي السابق للحزب الشعبي، لويس بارسيناس، عن عمولات كان يتقاضاها الحزب من مدراء شركات وخاصة تلك العاملة في قطاع البناء والبنيات التحتية مقابل تفويت صفقات ضخمة، كما ألقى بالذنب على قيادات الحزب بمن فيهم رئيس الوزراء، ماريانو راخوي، وصرح بأنهم كانوا يعلمون بما أسماه “الصندوق الأسود” وأنهم حصلوا من مدخرات الصندوق على مكافآت مالية.

وكانت الشرطة الإسبانية قد قامت باقتحام المقر العام للحزب الشعبي الحاكم في اسبانيا سنة 2013، بحثا عن فواتير يعتقد القضاء أن هذا الحزب المحافظ يخفيها وتتعلق بأموال غير قانونية استعملها في إصلاح المقر المذكور.

“راخوي” تخلص من أدلة تورط حزبه في التمويل غير الشرعي

أمين صندوق الحزب الشعبي سابقاً، لويس بارسيناس، أكد أمس الأربعاء، أن رئيس الحكومة الإسبانية سابقاً، ماريانو راخوي، كان يعلم بحسابات مبهمة داخل الحزب المحافظ، ودمر وثائقها.

وسيجلس بارسيناس، الذي شغل المنصب بين 2008 و2009، على مقعد المحاكمة في 8 فبراير الجاري، كمتهم رئيسي في جرائم الاختلاس وتزوير الوثائق، التي تطالب النيابة بمقتضاها بسجنه 5 أعوام.

وفي خطابه المرسل لنيابة مكافحة الفساد، شدد أمين الصندوق السابق على وجود نظام تمويل “مُكرس” داخل الحزب “تحت بند مداخيل” عبر التبرعات، وأن الاحداث التي سيحاكم بمقتضاها في الأسبوع المقبل، عن الفترة بين 2004 ويونيو 2008، والتي كان خلالها راخوي رئيساً للحزب.

وترأس راخوي الحزب المحافظ بين 2004 و2018، ووفقاً لبارسيناس، فإنه بالإضافة لعلمه بتمويل غير شرعي، فإنه أيضاً كان يتلقى مكافآت شهرية من “الصندوق”.

كما يعترف السياسي السابق في خطابه بأن التبرعات التي كان يتلقاها الحزب، كانت تأتي من أشخاص على علاقة بشركات “مستفيدة من مُخصصات عامة كبيرة”، وكانت تُسلَم نقداً لـ “موثوقين للغاية”، إضافة لاقتطاع مكافآت كانت تُمنح لمسؤولين كباراً في الحزب بينهم راخوي، من الحسابات التي كانت ترسل لديوان الحسابات.

وأكد بارسيناس أن راخوي، الذي ترأس الحكومة الإسبانية بين 2011 و 2018، تخلص من وثائق تلك الحسابات المبهمة بماكينة “تقطيع الأوراق”، دون أن يعلم بامتلاكه نسخاً منها.

كما أوضح في رسالته بأنه التزم الصمت على تلك المخالفات على مدار السنوات الماضية، لأن الحزب وعده بتجنيب زوجته، روساليا إجليسياس، السجن بسبب قضية الفساد المعروفة إعلامياً باسم “غورتيل” عن شبكة عقود مزورة بين رجال أعمال ومسؤولين في الحزب الشعبي، لكنه بعد سجنها 13 عاماً لمشاركتها في الجريمة، قرر التعاون مع العدالة.

 

اختفاء عدد من المتورطين في ملفات الفساد إما بسبب انتحار أو وفاة مفاجئة

بشكل غريب لاحق تفجر هذه الملفات، إما انتحار أو وفاة أحد المتورطين فيها أو الشهود في ظروف غامضة، وهو ما جعل بنظرية “التآمر” للبروز، وأصبحت وكأن هنالك من يحاول التخلص من الأدلة عبر التخلص من من يحملها.

وبلغ عدد المتوفين بسبب الانتحار أو حادث سير أو سكتة قلبية أو جلطة دماغية، 14 شخصا، إما كانوا مستعدين للإدلاء بشهادات حول فساد الحزب الشعبي أو متابعين في تلك القضايا.

وهذه بعض الأسماء:

ميغيل بليسا، المدير السابق لمصرف بانكيا. سبب الوفاة: انتحار.
ريتا باربيرا، الحزب الشعبي، عمدة سابقة لمدينة بلنسية. سبب الوفاة: سكتة قلبية.
ليبولدو غوميز، مهندس سابق في بلدية بوثويلو التي يحكمها الحزب الشعبي. توفي في حادثة سير
اسيدرو كوبيروس، اعلامي سابق مقرب من الحزب الشعبي. توفي في حادثة سير
ماريا ديل مار رودريغيث الونسو، الزوجة السابقة للعضو في مجلس الشيوخ الاسباني عن الحزب الشعبي، طوماس بروغوس. سبب الوفاة: انتحار
خوصي مارتينيز نونيز: رجل أعمال مقرب من الحزب الشعبي. سبب الوفاة انتحار
أنطونيو بدريرا: قاضي التحقيق. سبب الوفاة: جلطة دماغية

ألفارو لابويرتا: لم يمت، وقد كان محاميا وصديقا ومشرفا على لويس بارسيناس أمين صندوق الحزب الشعبي، تعرض لمرتين لسقطة على رأسه تسبت إحداهما له بغيبوبة خلال سنة 2013، وقبل عام من ذلك كان قد أبلغ الشرطة بأنه تلقى مكالمات تهديد قيل له فيها أنه رجل كبير في السن “فكر في أطفالك وأحفادك، كن حذرا فيما تفعله”.

فرانسيسكو يانيز: وقد كان معروفا بأنه صديق الجميع، ويعرف كل شيء عن المال، كانت وفاته ، مثل وفاة كوبيروس ، مفاجئة أيضًا، وهو صديق شخصي للويس بارسيناس وأمناء خزنته السابقين ، ألفارو لابويرتا وأنخيل سانشيز ، الذين عمل معهم لسنوات ، وتوفي بعد أيام قليلة من توجيه الاتهام إليه وقبل أربعة أيام من الاضطرار إلى الإدلاء بشهادته أمام القاضي بابلو روز.

 

التعليقات على فساد الحزب الشعبي الإسباني.. وفاة عدد من الأشخاص المتورطين منذ تفجر القضية والحكاية الغامضة للمخبر السري الذي فضح الجميع مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

الكلاب الضالة تجتاح شوارع المحمدية ومطالب عاجلة بتفعيل قوانين الأمن العام لحماية صحة وسلامة المواطنين

عبر الحسين اليماني، النقابي والمهتم بالشأن المحلي بمدينة المحمدية، عن استيائه الشديد من ال…