وجهت مجموعة من النقابات والمنظمات الحقوقية التونسية والدولية رسالة إلى قيس السعيد، رئيس الجمهورية التونسية، عبرت فيها عن قلقها إزاء المبادرات التشريعية المعروضة على مجلس نواب الشعب التونسي للنظر فيها خلال مستهل الدورة النيابية الثانية 2020-2021 والمتضمنة للعديد من الأحكام القانونية التي من شأنها “ضرب المسار الديمقراطي”، وتهديد الحقوق والحريات الدستورية مثل حرية التعبير والإعلام عبر زجر انتقاد المؤسسة الأمنية أو إسناد صلاحيات واسعة لها في إعلان حالة الطوارئ.
وخلقت المقترحات ومشاريع القوانين المعروضة على البرلمان التونسي جدلاً كبيراً وسط الساحة السياسية والحقوقية حيث هناك من اعتبرها “انتكاسة” للمكتسبات التي حققها التونسيون منذ 2011، وعودة لـ”السلطوية” و”التحكم الأمني”، وهو ما ذفع مجموعة من المنظمات إلى توجيه رسالة إلى رئيس الجمهورية التونسي قيس السعيد تحذره فيها من الخطر الذي تشكله هذه المقترحات ومشاريع القوانين على حرية التعبير وحقوق الانسان والمسار الديمقراطي في تونس.
وأكدت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، مراسلون بلا حدود، النقابة العامة للإعلام ، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية بتونس، في رسالتها على أن مشاريع القوانين المعروضة على البرلمان التونسي من شأنها أن تفسح “المجال لسيطرة بعض الكتل البرلمانية على عدد من المؤسسات الضامنة للحياة السياسية والدستورية على غرار المحكمة الدستورية والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري”.
واستعرضت التنظيمات الموقعة على الرسالة، المقترحات ومشاريع القوانين المعروضة، المتمثلة في: مقترح قانون عدد 34/ 2020 يتعلّق بتنقيح المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرّخ في 02 نومبر 2011 ومشروع قانون عدد 25/ 2015 المتعلّق بزجر الاعتداء على القوات المسلّحة ومشروع قانون أساسي عدد 91/ 2018 يتعلّق بتنظيم حالة الطوارئ ومشروع قانون أساسي عدد 39/2018 يتعلق بتنقيح وإتمام القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 دجنبر 2015 يتعلق بالمحكمة الدستورية ومقترح قانون أساسي عدد 44/2020 يتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2015 المؤرخ في 3 دجنبر 2015 المتعلق بالمحكمة الدستورية.
وأوضحت التنظيمات الموقعة على الرسالة الموجهة للرئيس التونسي، أن مشروع قانون أساسي عدد 91/ 2018 يتعلّق بتنظيم حالة الطوارئ، يثير عدة إشكالات قانونية بخصوص الحقوق والحريات حيث يمنح صلاحيات واسعة للداخلية في تونس على حساب الرقابة القضائية في خصوص جميع التدابير التي يمكن اتخاذها كإجراء فرض الإقامة الجبرية دون ذكر الحد الأقصى لمدة هذا التقييد أو وجوب الإعلام المسبق للسلطة القضائية أو كيفية الطعن في شرعيته. وعلاوة على ذلك وقع الاعتماد على عبارات فضفاضة من شأنها أن تؤدي إلى التضييق على الحريات بصورة منافية لمقتضيات الفصل 49 من الدستور التونسي.
وفي ما يخص حصانة الأمنين والعسكريين، قالت ذات التنظيمات إن مشروع قانون عدد 25/ 2015 المتعلّق بزجر الاعتداء على القوات المسلّحة يتضمن أحكاما قانونيا من شأنها تقييد الحق في حرية التعبير بصورة متعارضة مع أحكام الفصلين 31 و49 من الدستور حيث تضمن عبارات غامضة وغير دقيقة صلب الفصل الثاني الذي يجرم المساس بالروح المعنوية للقوات والأعوان أو بحياتهم أو ممتلكاتهم وتنسحب هذه الحماية على أقاربهم.
ووصفت التنظيمات الحقوقية الموقعة على رسالة النفس الذي أطر هذا المشروع، بـ”التسلطي”، مضيفةً، “من خلال فصله العاشر الذي يُخضع إلى الترخيص المسبق التصوير داخل المقرات والمنشآت المشمولة بهذا القانون وفي مواقع العمليات الأمنية والعسكرية المطوقة أو بالعربات أو على متن الوحدات البحرية أو الجوية التابعة للقوات. ويؤدي تطبيق هذا الفصل إلى قلب المبدأ لاستثناء بما أن التصوير في مواقع العمليات الأمنية والعسكرية المطوقة أو بالعربات أو على متن الوحدات البحرية أو الجوية التابعة للقوات أصبح خاضعا للترخيص المسبق بصورة مطلقة في حين أنه كان من الأسلم من الناحية القانونية واحتراما للمعايير الدولية أن يبقى التصوير في مواقع العمليات خاضعا لمبدأ الحرية ويقع تخصيص الاستثناء في عمليات أمنية وعسكرية معينة ومحددة وفقا لمبدأي التناسب والضرورة المنصوص عليهما صلب الفصل 49 من الدستور”.
من جهتها طالبت منظمة العفو الدولية أحد الهيئات التي وقعت على الرسالة، على موقعها الرسمي، أعضاء البرلمان التونسي برفض مشروع قانون من شأنه أن يعزز إفلات قوات الأمن من العقاب، ويحميها من أي مسؤولية جنائية عن استخدام القوة المميتة لحماية المنشآت الأمنية؛ وذلك قبل مناقشة برلمانية حول مشروع القانون المتوقع إجراؤها اليوم الثلاثاء.
وتابعت المنظمة، فبموجب الفصل 7 من مشروع القانون المقترح عدد 25/2015، لن تتحمل قوات الأمن المسؤولية الجزائية عن استخدام القوة المميتة لصد الهجمات على المنشآت الأمنية إذا اعتُبرت القوة التي تستخدمها متناسبة مع الخطر. لقد أعيد تقديم مشروع القانون، الذي اقترحته الحكومة لأول مرة على البرلمان في أبريل 2015، وفي عام 2017 بناء على طلب الشرطة، وتم انتقاده بشدة من قبل منظمات المجتمع المدني التونسية والدولية.
وقالت آمنة القلالي، نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إنه على الرغم من التعديلات الإيجابية على مشروع القانون المقترح – التي أزالت الانتهاكات المروعة على الحق في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات، التي كانت موجودة في المسودات السابقة – لا يزال مشروع القانون يحتوي على أحكام من شأنها أن تعيق المساءلة عن الانتهاكات الجسمية لحقوق الإنسان”.
وأضافت ذات المتحدثة، “لقد ناضلت منظمات المجتمع المدني التونسية والدولية ضد مشروع القانون هذا، مراراً وتكراراً، محذرة من التأثير الضار الذي سيخّلفه على سيادة القانون. وأما إذا ما اعتمد مشروع القانون هذا، فسوف يعزز ثقافة الإفلات من العقاب، وبعث برسالة مفزعة إلى قوات الأمن مفادها أن لديها الضوء الأخضر لاستخدام القوة على النحو الذي تراه مناسباً دون خوف من التعرض للمحاسبة.”
وقالت القلالي: “سيعني مشروع القانون أن قوات الأمن ستكون مخولة قانونياً بالرد بالقوة المميتة على هجوم على المباني الأمنية، حتى عندما لا يكون هناك خطر على حياتهم أو حياة الآخرين، أو لا يوجد خطر التعرض للإصابة الخطيرة”.
وبموجب المعايير الدولية، أكدت نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، “يجب على الشرطة عدم استخدام الأسلحة النارية إلا في الدفاع عن النفس أو الدفاع عن الآخرين ضد التهديد الوشيك بالقتل أو الإصابة الخطيرة، فاستخدام الأسلحة النارية فقط لحماية الممتلكات أمر محظور”.
وختمت آمنة القلالي قائلةً: “ندعو أعضاء البرلمان التونسي إلى الدفاع عن حقوق الإنسان من خلال رفض هذا القانون المروع ويجب عليهم ضمان تصرف قوات الأمن وفقا للقواعد والمعايير الدولية المتعلقة باستخدام القوة، مساءلتها عند استخدام القوة التعسفية أو المفرطة”.
انتهاء “أزمة” إضراب المحامين.. فرضوا على وهبي “التنازل” في مجموعة من النقط وهذه أهم الاتفاقات
أعلن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب رسمياً، أمس الاثنين، إنهاء مقاطعة الجلسات في مختلف …