تعالى مؤخرا النقاش السياسي حول اللائحة الوطنية للشباب، وأفرز لنا شيئا فشيئا أراء مختلفة، وصل بعضها لحد التنافر، منها من هو مع الإبقاء على هذه اللائحة في الانتخابات المقبلة لسنة 2021، ومنها من هو ضد الاحتفاظ بها.
وخرج بعض القياديين في عدد من الأحزاب المغربية، منها من كان يرافع من أجل إلغاء لائحة الشباب في الانتخابات التشريعية المقبلة، بحيث اعتبرها ريعا وجب إيقافه، وفي المقابل تحدثت عدة قيادات شبابية عن أهمية هذه الآلية في ضمان حضور مهم للشباب في البرلمان المغربي، في حين يرى عدد من المهتمين أن هذا النقاش جزء كبير منه مغلوط، ولم يطرح الأسئلة الحقيقية حول بنية الأحزاب ذاتها وحضور الشباب في مراكز قرارها.
ويفتح “الأول” نقاش اللائحة الوطنية للشباب، بين الفاعلين السياسيين، ويطرح ثلاثة أسئلة مهمة، تتمحور حول تجربة لائحة الشباب في البرلمان، وعن أهمية استمرارية التجربة من عدمها، وفي حال إلغائها، فهل هناك صيغ أخرى مثل هل ستضمن حضور مهم للشباب، وهل الصيغ المقترحة الآن مثل “لائحة الكفاءات” هي صيغة قابلة للتحقيق على أرض الواقع؟.
وفي هذا السياق، وجه “الأول” هذه الأسئلة إلى عادل بنحمزة، البرلماني والقيادي في حزب الاستقلال، والذي انتخب لعضوية مجلس النواب المغربي سنة 2011، عن اللائحة الوطنية الخاصة بحزب الاستقلال.
* في البداية، ما هو تقييمكم لتجربة لائحة الشباب في البرلمان؟
- هناك نقاش حول موضوع لائحة الشباب في البرلمان المغربي منذ بداية العمل بها سنة 2011، أي أننا أمام ولاية تشريعية ونصف مما لا يسمح موضوعيا بإصدار حكم نهائي حول هذه التجربة، لكن بكل تأكيد هناك جوانب يمكن تقييمها مرحليا، وأولها طريقة اختيار ممثلي الأحزاب في هذه اللائحة، وهنا يجب الحديث بكل وضوح أنه باستثناءات قليلة، فإن الغالبية ممن يمثلون الشباب في البرلمان لم تفرزهم آليات ديمقراطية واضحة داخل أحزابهم، بل تحكم في ذلك منطق القرابة والتبعية، لهذا لا يمكن إصدار حكم عام وشامل يضع الجميع في سلة واحدة لأن ذلك سيكون مجحفا في حق شباب يتميز بكثير من الدينامية، وهذا لا ينفي بالطبع أن هذه اللائحة وخاصة في الولاية الحالية، لم تستطع أن تقدم انطباعا إيجابيا مما سهل مأمورية انتقادها بشكل مستمر، وهو انتقاد يقوم بعضه على أساس منطقي وموضوعي لكن بعضه الآخر فيه كثير من التحامل أو لنقل تصريف حسابات وصراعات لا علاقة لها بالسياق والنقاش الذي أفرز اللائحة الوطنية وهو سياق لازال يحتفظ براهنيته.
* هل أنتم مع استمرار التجربة أم مع إلغائها؟
- المسألة ليست مع أو ضد، المسألة أولا تقتضي الموضوعية والتجرد، وأن لا يتحول الموقف من الأشخاص والسلوكات، إلى موقف من اللائحة الوطنية ككل وهي مجرد آلية، ولهذا يجب أن نعود للسياق الذي أفرز هذه اللائحة وهو بطبيعة الحال سياق الربيع العربي بنسخته المغربية والمتمثلة في حركة 20 فبراير والتي إتسمت بحضور كبير للشباب، سواء الذي شارك في المظاهرات أو الذي عبر عن مواقف رافضة وساخطة عن السياسات المتبعة وعن بنية توزيع السلطة والمسؤولية من خلال منابر حزبية ونقابية واعلامية، هذا السياق يفرض علينا أيضا الاعتراف بأن العملية الإنتخابية تعرف أزمة بنيوية من حيث مساهمتها الفعلية في تجديد النخب وفي القدرة الموضوعية للشباب على المنافسة فيها لأسباب مادية وسياسية وتنظيمية وسوسيولوجية، وهو ما يجعل الشباب عمليا على هامش دورة النخب، زيادة على ذلك فالبرلمان في العقود الأخيرة يصدق فيه ما قاله الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب إذ “تكرش حتى عاد بلا رقبة” وأي دراسة علمية رصينة ستكشف طبيعة الفئات المهنية والاجتماعية التي بدأت تلج البرلمان في العقود الأخيرة، مما أضعف النقاش السياسي وأضعف آليات المراقبة والتشريع، لهذا لم يكن غريبا مثلا أن يكون حضور النساء والشباب لافتا في عمل اللجان، وهو عمل مع الأسف لا يطلع عليه الرأي العام، لهذا أنا شخصيا مع استمرار اللائحة الوطنية للشباب لكن مع تشديد آليات إفرازها بهدف صيانة الديمقراطية وحفظ حقوق مختلف الشباب في مختلف الأحزاب السياسية، لكنني في المقابل مع حذفها إذا تحولت إلى مبرر لوجود التنظيمات الشبابية الحزبية وأن يتم اختصار العمل الحزبي والسياسي فيها، إذ يصبح لها مفعول عكسي.
* هل يمكن البحث عن صيغة أخرى مثل فكرة الكفاءات المطروحة؟
- لا أحبذ كلمة كفاءات لأن ذلك سيضع الأحزاب أمام ازدواجية، إذ هل يعني ذلك أنها لا ترشح الكفاءات في الدوائر؟ أنا أعتقد بأنه ليس مطلوبا منا إعادة إختراع العجلة، فهناك تجارب حول العالم تزاوج بين الانتخابات ذات البعد الترابي والوطني، إذ تكشف التجربة أن هناك نوعان من الأطر، الأول هو الذي يشتغل على المستوى الترابي وغالبا هذا النوع من الأطر يكتسب مع مرور السنوات مقدرات كبيرة في التدبير المحلي والمعرفة الدقيقة بالقضايا المحلية وهو ما يؤهلها لخوض الانتخابات المحلية دون عوائق تذكر، في المقابل هناك نوع آخر من الأطر وهي تلك الأطر التي تعمل على المستوى المركزي وتدبر القضايا الاستراتيجية لأحزابها سواء على المستوى الفكري أو البرامج الانتخابية أو المختبرات القانونية أو التواصل والإعلام والتأطير، هذه الفئة تمتلك بحكم مهامها معرفة دقيقة بكل ما له بعد وطني وتملك من القدرات والكفاءات ما يؤهلها لتولي المسؤوليات الحكومية والنيابية والإدارية، لكنها تكون بعيدة عن الأجواء الإنتخابية على المستوى الترابي، وهذا ما دفع كثير من الدول إلى العمل بلوائح وطنية أو جهوية تضم هذا النوع من الأطر، بل في ألمانيا هذه اللوائح لا تتضمن أسماء فالناخب عندما يصوت إنما يمنح صوته للحزب، وبعد احتساب الأصوات وتحديد عدد المقاعد التي فاز بها كل حزب، ساعتها يقوم الحزب بتسمية من سيمثلونه في البرلمان، لهذا فالتفكير في هذا الأمر يبقى مهما لكن ذلك لا يعفي بأننا بحاجة إلى مواجهة الأعطاب الحقيقية في حياتنا السياسية وحتى لا تتحول مثل تلك الحلول إلى مجرد تخريجات ليس إلا ولا تقدم شيئا للنضال الديمقراطي.
عمدة مدينة الرباط تتفاعل مع فضيحة “تلقي الرشوة” في امتحانات الكفاءة المهنية
وجهت فتيحة المودني، رئيسة المجلس الجماعي للعاصمة، مراسلة إلى فاروق مهداوي، المستشار الجماع…