فوجئ المغاربة، اليوم الجمعة، بانفجار “بؤرة وبائية” ضربت معامل وضيعات الفراولة بدائرة “لالة ميمونة” الواقعة في إقليم القنيطرة، حيث تم تسجيل حوالي 500 حالة إصابة مؤكدة بفيروس “كورونا” في حصيلة قياسية منذ بداية انتشار الجائحة في بلادنا. ولابد أنها لم تأت بمحض الصدفة بل نتيجة العديد من العوامل، جزء مهم منها تتحمله الجهات المعنية بالحرص على سلامة المواطنين والتنزيل السليم والحازم للإجراءات الاحترازية لمواجهة الوباء.

فبينما كان أغلب المغاربة يتمنون خيراً في الخروج من وضعية الحجر الصحي، والعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، تلقى المواطنون “صفعة” قوية قلبت شعارات الحكومة وحديث رئيسها سعد الدين العثماني، عن “النجاح الباهر في مواجهة فيروس كورونا المستجد”. لتضرب”الكارثة” عمال وعاملات ضيعات الفراولة بنواحي القنيطرة، الذين لم يكونوا في حاجة إلى جائحة مثل “كورونا”، بل تكفيهم وضعيتهم الهشة والظروف التي يشتغلون فيها، والتي ما فتئ الحقوقيون والنقابيون يصفونها بـ”الحاطة من الكرامة”.

نعود لمحاولة تركيب الأحداث ومعرفة المسببات الحقيقية التي جعلتنا نسيتقظ اليوم على وقع “الكارثة الوبائية”، التي جعلت البعض يصل حد اطلاق اسم “ووهان المغرب”، على معامل الفراولة بالقنيطرة، فلابد من أسباب واقعية تشير بأصابع الاتهام للجهات التي لم تتحمل المسؤولية في ماجرى، إنطلاقاً من عدم الحرص على ضمان الوقاية الكاملة داخل المعامل والضيعات، وعدم احترام أرباب هذه المعامل للشروط الاحترازية لمواصلة الانتاج، ومروراً بظروف العمل، وتنقل العمال والعاملات من القرى المجاورة إلى وحدات العمل، بالإضافة إلى دور سلطات تطبيق القانون في المراقبة.

وحسب مصادر من المنطقة، فإن أغلب عمال وعاملات الضيعات الفلاحية (التوت، الفراولة..) بمنطقة الغرب واقليم القنيطرة عموماً يتحدرون من معظم الجماعات القروية الواقعة داخل تراب الإقليم، وأغلبهن نساء ليس لهن بدٌّ من مواجهة الوباء لكسب قوتهن ولإعالة أسرهن، وأغلب الجماعات هي: اولاد سلامة، بنمنصور، المناصرة، سيدي محمد بنمنصور، المكرن، سيدي علال التازي، سوق الثلاثاء، سوق الاربعاء، الشوافع، لبحارة اولاد عياد، لالة ميمونة، مولاي بوسلهام، والدلالحة، بوبكر الحاج.. “، لكن الإصابات المسجلة معظمها من الجماعات الواقعة داخل تراب دائرة “لالة ميمونة” مع العلم أن المعامل تضم عاملات من جميع جماعات الإقليم.

والكارثي، حسب ذات المصادر، أن هؤلاء العمال والعاملات كانوا ينتقلون إلى المعامل عبر سيارات “الخطافة”، من دون احترام لأدنى شروط الوقاية في عز الحجر الصحي المفروض لمواجهة”كورونا”، بحيث في معظم الأحيان لا يتم احترام العدد المسموح به المحدد في 10 ركاب على الأكثر بكل سيارة، بل يتم نقل عدد يفوق  المسموح به في الأيام العادية “22”، كل هذا يجري باتفاق بين صاحب السيارة وصاحب المعمل أو الضيعة.

يقول أحد الفلاحين الشباب بالمنطقة بتعجب “هذا كله يجري في زمن كورونا، وبشكل يومي، والمشهد كان ينذر بالكارثة، لكن السؤال كيف لم تنتبه السلطات لحجم المخاطرة بصحة البسطاء من المواطنين؟.. إذا كانوا هم لايدركون حجم المخاطرة ، أو ربما لم يكترثوا سعياً منهم للعمل لسدِّ الحاجة، لكن السلطات أظن لا حجة لها”.

وتابعت المصادر، “الدواوير القريبة من مقر العمل يتعمد السائقون لنقل العمال والعاملات منها إلى سلك الطرق القصيرة للإفلات من رجال الدرك وللوصول في أقرب وقت،..أما بالنسبة للجماعات البعيدة فإنهم يعتمدون الطريق العادية أو الطريق السريع كحالة الجماعات الواقعة داخل تراب احواز القنيطرة”.

ولمعرفة حجم الكارثة التي يمكن أن تتفاقم، تقول مصادرنا،  فإن هذه المجموعات وخصوصاً التي تشتغل بالضيعات ليست قارة، أي أنها لاتشتغل في ضيعة واحدة بل تنتقل إلى ضيعات أخرى في ظرف أسبوع واحد فقط، وبالتالي إذا كانت هناك إصابات من السهل جداً انتقالها من مجموعة إلى أخرى وإلى المعامل المجاورة أيضاً بحكم أن عمل الضيعات مرتبط بشكل طبيعي بمعامل الفرولة.

وأكدت المصادر، أن “الجميع من أبناء المنطقة لاحظوا وجود تساهل غير مفهوم مع مع أرباب هذه الضيعات والمعامل من قبل السلطات المحلية والإقليمية، رغم خطورة الوضع، وبالرغم من أن أول اكتشاف للإصابات كان بتاريخ 7 يونيو الجاري، حيث تم اكتشاف 18 حالة مؤكدة مصابة بالفيروس.. ومع ذلك ظل التساهل و اللامبالاة سائدا.. إلى أن وقعت الكارثة”.

ويبقى المغاربة مصدومون من ما حصل اليوم، فبينما “تتفاخر” الحكومة في كل تصريحات أعضائها بـ”قدرة المغرب على تغليب صحة المغاربة ولو على حساب الاقتصاد”، وكذلك “قدرتها في مواجهة الجائحة بالمقارنة مع دول متقدمة أروبية مثلاً”، إلا أن مثل هذه الكارثة أعادت البلاد علة ما يبدو إلى نقطة الصفر.

وقد أعلنت وزارة الصحة في تصريحها اليومي،  أن أغلب الحالات المصابة بفيروس “كورونا” خلال الـ24 ساعة الأخيرة والبالغ مجموعها 539، سُجِّلت بجهة الرباط سلا القنيطرة، بما قدره 457 حالة رصدت كلها ببؤرة معامل الفراولة “لالة ميمونة” بإقليم القنيطرة.

التعليقات على تفاصيل “بؤرة لالة ميمونة”.. “تجاوزات” بالجملة و”تساهل غير مفهوم” للسلطات وتجاهل للصرخات مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

انتهاء “أزمة” إضراب المحامين.. فرضوا على وهبي “التنازل” في مجموعة من النقط وهذه أهم الاتفاقات

أعلن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب رسمياً، أمس الاثنين، إنهاء مقاطعة الجلسات في مختلف …