بقدر مشاعر الفخر والاعتزاز التي استقبل بها المغاربة تعيين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعيين المغربي منصف السلاوي مستشارا رفيعا لقيادة جهود الحكومة الأمريكية لتطوير لقاح فيروس “كورونا” في البلاد، شكّل لدى شريحة واسعة خيبة أمل وحسرة كبيرة، سيما مع توالي شهادات بعض معارفه ممن أكدوا أن الخبير المغربي في الصناعات الدوائية كانت تتملكه رغبة قوية في العودة إلى وطنه لخدمته، وقام بمحاولات في سبيل تحقيق غايته، غير أن جميع الأبواب صدت في وجهه.
وفي الوقت الذي كان السلاوي يعتلي نفس المنصة التي تحدث من خلالها رئيس أقوى دولة في العالم، اليوم الجمعة، اشتعلت، موازاة مع ذلك، مواقع التواصل الاجتماعي بتدوينات تتحسر على تضييع المغرب خبيرا في علم البيولوجيا من طينته، وعدم الاستفادة من خبرته الكبيرة التي راكمها في هذا المجال العلمي بعدما درس بكل من فرنسا وبلجيكا قبل أن يستقر به المقام في أمريكا.
وفي شهادة تلخص الكثير من قصص هجرة الأدمغة المغربية نحو بلدان العالم، نقلها الدكتور المغربي كمال السلاوي عبر تدوينة فيسبوكية، جاء فيها: “في أكتوبر 1986 التحقت بجامعة بروكسيل لأتمم دراستي في البيولوجيا الجزئية Biologie moléculaire وكانت كل الأشغال التطبيقية تقام بمركز لمختبرات البيولوجيا الجزئية الموجود على بعد حوالي 25km، خارج مدينة بروكسيل. كنت أجد صعوبة في التنقل خصوصا في المساء وقت العودة”
وفي اليوم الثالث، يضيف الدكتور: “عند خروجي من المختبر بمعية بعض الزملاء منهم صديقي الدكتور محمد الشكري الأستاذ بكلية الطب بفاس حاليا، وجدنا شابا في الثلاثينات من عمره آنذاك ينتظرنا عند الباب، اقترح علينا أن يوصلنا على متن سيارته للحي الجامعي. ومنذ ذلك اليوم كان يتكلف بإيصالنا إلى الحي الجامعي الموجود ببلدية Ixelles”.
وزاد: “وبعدما تعارفنا أخبرنا ان اسمه منصف السلاوي وأنه أنهى أطروحته في البيولوجيا الجزئية، تخصص المناعة وكان يقدم لنا النصائح والتشجيعات، حيث كنا نحن في بداية مسارنا لتحضير الدكتوراه، وكان ذي حماس كبير، وتعززت علاقتنا عندما علمنا أنه كذلك مناضل أوطمي ومنشغل بحال الوطن”.
وواصل: “أتذكر جيدا لما حكى لنا ما حدث له حين عاد للمغرب حاملا دكتوراته وهو متحمس لخدمته فتوجه نحو كلية الطب بالرباط ليقترح عليهم أن يقدم محاضرة في اختصاصه بشكل تطوعي. في البداية استحسنت المسؤولة على الشعبة الفكرة فحددت له تاريخ المحاضرة، غير أن يوما بعدها سيخبر منصف أن المحاضرة ألغيت بدون أي يقدم له أي مبرر”.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يمنع فيها السلاوي من تقديم محاضرة بالمغرب، فقد حاول مرة أخرى مع كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء غير أنه المسؤولين عليها آنذاك رفضوا.
المثير في قصة الدكتور السلاوي أنه لم يكن يطلب أي تعويض مادي مقابل ما سيقدمه آنذاك، بل كان يقترح ذلك ويؤكد أنه سيتم بشكل تطوعي، ومع ذلك لم يرخصوا له. “لا أريد منهم المال ولا أي شيء. أريد فقط أن افيد بلدي والبيولوجيا الجزئية علم حديث ومهم للصحة العمومية. ويمكنني أن أقدم الكثير.” يقول السلاوي على لسان صديقه الدكتور جمال.
“سنوات بعدها ركن منصف السلاوي للعمل في المهجر، بعدما تبخرت كل أحلام العودة، كما تبخرت عند العديد من الذين تتبعوا مسارا مشابها”. يخلص الدكتور.
التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة يقرر “التصعيد” مع بداية السنة الجديدة
قرر التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة، استئناف برنامجه الاحتجاجي مع مطلع السنة الجديدة بع…