تتفاقم معاناة الأطفال في ظل حالة  الاستثناء الصحية،  المفروضة بسبب انتشار وباء فيروس”كورونا”، والتي تفرض على هذه الفئة البقاء في المنزل والتخلي عن مجموعة من الانشطة الترفيهية والرياضية والفنية وغيرها، لتعوضها بمشاهدة التلفاز أو وروج منصات التواصل الاجتماعي.

والأكيد أن هناك تداعيات نفسية  لحالة الحجر المنزلي التي يعيشها الأطفال، حيث يبقى الملاذ الوحيد أمام الأسر لملأ فراغ الأطفال هي المنتوجات الإعلامية التي تُقدم سواءً عبر القنوات الإعلامية التلفزية، أو مختلف المنصات الإلكترونية.

ولقيت هذه المنتوجات الإعلامية وخصوصاً التي تبثها القنوات التلفزية، العديد من الانتقادات، حيث طالب مجموعة من العاملين في المجال التربوي بحماية هذه الفئة من المجتمع ووضع آليات خاصة بالاستهلاك الإعلامي.

في هذا السياق، أصدر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري سلسلة من التوصيات تهم التعرض للشاشات والاستهلاك الإعلامي لدى الأطفال والجمهور الناشئ بصفة عامة، خلال فترة الحجر الصحي المقررة من طرف السلطات للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).

وذَكر المجلس الأعلى في بلاغ له توصل “الأول” بنسخة، عقب اجتماع عن بعد عقده بتاريخ 07 ماي 2020 بأن مخاطر التعرض المفرط لوسائل الإعلام ازدادت وباتت أكثر تعقيدا في سياق الحجر الصحي، لكون الأخبار المتواترة والمسترسلة حول الأزمة الصحية ومجهود التحسيس المبذول من طرف الإذاعات والقنوات التلفزية يمكن أن يكون مصدر قلق وابتئاس لدى الأطفال الجمهور الناشئ بصفة عامة. هذا المعطى يبرز ضرورة توفير إسهامات أخرى تكمل وتؤطر ولوج وتلقي الجمهور الناشئ للأخبار ذات الصلة بالجائحة، خاصة عن طريق الحوار والتواصل داخل الأسر.

وأوصى المجلس الأعلى في هذا الصدد، بمراقبة مدة الاستهلاك الإعلامي لدى الأطفال، مع إيلاء اهتمام خاص لتعرضهم لمضامين نشرات الأخبار التلفزية والقنوات الإخبارية التي تبث على مدار الساعة.

وإسهاما منه في تطوير الجوانب العلمية والتربوية لحماية الطفل في هذا الظرف الخاص، أوصى المجلس الأعلى في بلاغه بصفة عامة، بانخراط الأسر في مساعدة الأطفال، حسب فئاتهم العمرية، على اختيار البرامج التي تناسب أعمارهم ضمن العروض التي توفرها الشاشات.

وأوضح المجلس الأعلى إلى كون ممارسات الجمهور الناشئ في مجال الاستهلاك الإعلامي المتسمة باستعمال شاشات متعددة واستخدام وسائط مختلفة، من طبيعتها أن تؤدي إلى ازدياد ومفاقمة حمولة القلق الناجم عن برمجة إعلامية تتمحور بشكل شبه كلي حول الجائحة.

ودعا المجلس الأعلى إلى إيلاء اهتمام خاص في الوقت نفسه، لتصاعد مدة التعرض للشاشة الناجم عن الارتفاع العام لاستعمال وسائل الإعلام السمعية البصرية والرقمية خلال فترة الحجر الصحي، وللاستعمال الذي يفرده الأطفال والمراهقون لهذه المدة.

وأضاف بلاغ المجلس الأعلى أنه “وإذا كان هذا الارتفاع في مدة التعرض للشاشة يعزى في جانب منه إلى ضرورة استمرار الخدمة المدرسية إبان فترة الحجر الصحي عن طريق إقرار التعليم عن بعد، فإنه يتعين الحفاظ على الاستهلاك الإعلامي المخصص للتسلية في مستويات تضمن عدم المس بتوازن وبصحة الجمهور الناشئ جراء التعرض المفرط للشاشات”.

كما أوصى المجلس الأعلى في هذا السياق، بأن يساهم التأطير العائلي للاستهلاك الإعلامي ليس في ضبط مدة التعرض للشاشة لدى الجمهور الناشئ فحسب، بل أيضا في إقامة تمييز واضح بين الاستخدام التعليمي والاستخدام بغرض التسلية.

وتابع المجلس، مثل هذا “التقنين الأسري” من شأنه أن يوفر حماية واستفادة للطفل من خلال إقرار برمجة يومية تزاوج بين زمن التعرض للشاشة وزمن خارج الشاشة وكذا من خلال الفصل بين الاستهلاك الإعلامي التعليمي من جهة، والاستهلاك الإعلامي المخصص للتسلية، من جهة ثانية.

ونبّه المجلس الأعلى إلى أن الارتفاع الكبير للاستهلاك الإعلامي لدى الجمهور الناشئ خلال فترة الحجر الصحي قد يطرح مخاطر “إدمان” على المدى البعيد؛ إذ من شأن هذا الارتفاع الظرفي أن يخلق عادات من الصعب تجاوزها بعد العودة إلى الحياة الاعتيادية. لذا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار تخصيص حيز زمني ضمن البرنامج اليومي للطفل، للقيام بأنشطة بعيدا عن التعرض للشاشات، مما من شأنه التوفيق بين الحياة الرقمية والواقعية وتعزيز الأواصر الأسرية وقواعد التربية السليمة ودعم التطور الاجتماعي والعاطفي للطفل خلال الحجر المنزلي وحمايته من العزلة الاجتماعية التي يعززها الانترنيت خاصة في صفوف المراهقين.

كما يرى المجلس الأعلى، حسب البلاغ، أن نقص الدراية الإعلامية والتواصلية لدى الجمهور الناشئ، تشكل نقطة يقظة تدعو الأسر إلى بذل المزيد من الجهود لمواكبة الممارسات الإعلامية للأطفال والجمهور الناشئ خلال فترة الحجر الصحي. كما يغتنم المجلس الأعلى هذه المناسبة للتذكير بأن وضع مخطط وطني للدراية الإعلامية مسؤولية جماعية تقع على عاتق فاعلين آخرين مؤسسين، مهنيين ومدنيين.

 

التعليقات على الاستهلاك الإعلامي لدى الأطفال خلال فترة الحجر الصحي.. المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري يُصدر توصيات لحماية الجمهور الناشئ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

حسن الداكي رئيس النيابة العامة يتعرض لوعكة صحية مفاجئة وتم نقله إلى المستشفى العسكري بإنزكان

علم موقع “الأول”، أن الحسن الداكي رئيس النيابة العامة،  تعرض لوعكة صحية نقل عل…