وسط هذا الجدل المجتمعي الذي تسبب فيه “تسريب” بعض مقتطفات من مشروع قانون 22.20، المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة، قبل أن يتم تسريبه كاملا، ووسط الآراء المختلفة والتي كان أقصاها رفض مشروع القانون وأدناها ما عبر عنه وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان وهو اعتباره، أن الصيغة النهائية للمشروع هي التي سيتم إحالتها على البرلمان.
ووسط هذه الآراء المتباينة، والتي أجمعت على “رفضها” لهذا المشروع، والحديث عن معارضة بعض ما جاء فيه من داخل الحكومة، خرج الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي وضع وزيره مسودة مشروع القانون في أحد المجالس الحكومية عن صمته في هذا الصدد.
الاتحاد الاشتراكي عبر جريدته الرسمية، حاول أن يوضح موقفه عبر عدد من المعطيات صاغها في ما أسماه بـ”رسالة الإتحاد”، وتكلم فيها عن جزئين أساسيين، أولا ما أسماه بـ”أبجديات العمل الحكومي كما هي متعارف عليه وطنيا ودوليا”، ثم المصادقة الحكومية.
واعتبرت جريدة الاتحاد الاشتراكي في افتتاحيتها المنشورة بتاريخ الخميس 30 أبريل 2020، أن بعض القوى تريد “أن تصنع ، بدل كوفيد 19، كوفيد 20-22، لعلها تجني من ورائه زبائن جددا”، وهي القوى التي وصفهتا بأنها “لم يلمس منها ما يفيد مساهمتها في الملحمة المغربية، ولم تستسغ الوحدة التي تأتت عبر مواجهة المغرب “ملكا وشعبا”، لفيروس كورونا والذي وصفتها الافتتاحية بـ”المعركة الكبيرة”.
وقالت الاتحاد أن المجلس الحكومي، المنعقد يوم 19 مارس المنصرم، “والمغرب في عز التوجس، يشغله عميقا تدبر كيفية التعامل مع الوضعية الجديدة، والمعقدة في خضم البحث العالمي عن أشكال الرد والاحتراز، وتبين بالملموس وبقوة الأشياء، أنه علينا لزاما تعزيز ترسانة البلاد، بالعديد من القرارات الواجبة، منها إغلاق الحدود والعزل الصحي وتقليص الحركة وتقنين حرية التنقل ، بل تعطيلها وكل ما يجعل من الحق في الحياة أولوية الأولويات الوطنية”.
وكشفت الجريدة أنه داخل الحكومة، “كان النقاش، لا يخرج عن هذا السياق العام، وبرزت الحاجة إلى تحصين التواشج الوطني من أية مبادرات قد تستغل القوة التعبوية الكامنة في المنصات التواصلية، ضد هذا المجهود، و لربما من أجل هدمه وتوظيف الصور المقيتة ضده. ولم يكن في وارد التقدير أبدا، ضرب الحريات أو التوجه نحو أية انتكاسة أو تعريض السمعة الوطنية والتراكم التاريخي المتحقق في قضية الحريات لأي مناقصة تاريخية أو سياسية..”.
واعتبرت أن هذا السياق “يعطي لما ترتب عن الاجتماع الحكومي كل معناه، كما يسلط بعض الأضواء على العمل داخل الحكومة، إذ تم تكوين لجن أولى وثانية، وليس فقط واحدة، التزم فيها الوزراء بمهامهم مع واجب التحفظ حول المشاريع، بل يمكننا أن نقول بمسؤولية، أن الوزير الاتحادي ذهب بعيدا في التزامه بهذه الادبيات المتفق عليها، إلى حد أنه رفض الجواب على أسئلتنا الحزبية الخاصة بالموضوع”.
واستغربت جريدة الاتحاد الاشتراكي ما وصفه بـ”الانفرادات ذات الصبغة الدعائية، والتي تنم عن تحلل من كل أساليب العمل والأعراف الجماعية”، مضيفة “ومن ذلك خروج وزير في الحكومة يكشف فيه محتوى المداولات التي تمت داخل الحكومة، ومواقف كل طرف فيها، وأفشى أمانات ما كان الخلق السياسي ولا واجب التحفظ يسمحان له بافشائها. فالاعراف في الحكومات المسؤولية في العالم تربأ عن ذلك”.
واسترسلت جريدة الاتحاد الاشتراكي لسان حال الحزب، “وتلا ذلك تصريح آخر، يمس بالاقتطاعات التي تقررت من طرف الحكومة بالمناسبة للوظيفة العمومية، حيث تم خرق سرية المداولات مجددا، وتم اعطاء تأويل فئوي خاص من لدن اطراف في الحكومة، وهو ما قد يعرض واجبات المسؤولية الحكومية للشطط في استعمال المنصب، وإعلان معلومات رسمية تقتضي روح المسؤولية وأخلاقها ألا تخرج الا بقرارات الحكومة وليس بالتسريب والكتابة على جدران المنصات”.
واتهمت الاتحاد بعض الوزراء بأن ممارساتهم أبانت “عن إرادة واضحة في بناء الزبونية السياسة والبحث عن زبناء، لا عن الحفاظ على أعراف الدولة واستمرارية أخلاقها ومهامها وأدوارها، وإذا كانت البلاغات الصادرة بهذا الشأن تدين كاتبيها وأصحابها، فهي أيضا تطرح حق الوزراء كلهم في أبداء رأيهم، وعدم التعريض به في ما بعد، مما يفقد الدولة أي قوة ورجالاتها أي حصانة من التلاعب”.
وشدد ذات المصدر على أن “أبجديات العمل الحكومي، كما هي متعارف عليه وطنيا ودوليا، تعلمنا بأن كل وزارة من الوزارات تمتلك بنك معلومات ومسودات ومشاريع قوانين ، تدخل في مضمار اختصاصها، وعادة ما تشكل المادة الخام التي تعتمدها في تقديم مقترحاتها عندما يتعلق الأمر بمشروع يشمل نشاطها ومجال مسؤوليتها، وعادة ما يكون المشروع صياغة جماعية، تلزم الحكومة برمتها. وعليه فإن النص الحالي لا يشذ عن هذه القاعدة…”
وفي اتهام واضح لحزب العدالة والتنمية، قال الاتحاد عبر جريدته، ” إن هذا الرصد يقودنا إلى التذكير، بما سبق أن عشناه مع الحكومة السابقة ورئيسها، وكنا وقتها في المعارضة والذي كان يفضل دوما لعب دور المسؤول والمعارض في نفس الوقت، سواء عند نهاية الأسبوع في التجمعات العامة والأنشطة الحزبية أو في الجلسات الدستورية ، في البرلمان بقبتيه”.
وختم بهذا الصدد أن الأمر “يتجاوز السلوك الفردي، إلى مسلكية ثابتة ولصيقة بفهم معين للممارسات السياسية، التي تفضل نسف المؤسسات عبر نسف أخلاقياتها”.
أما بخصوص الجزء الثاني،المتعلق بالمصادقة الحكومية، شددت الاتحاد على أنه “لا توجد في الأعراف ولا في التقاليد ولا في النصوص ولا في أشكال العمل أي مصادقة تسمى مصادقة مبدئية أو أولية، فالمصادقة إما تكون كاملة الاضلاع الدستورية والتنظيمية أو لا تكون، وعليه فإن هذا المشروع لا مصادقة عليه”.
مضيفة ان اكتساب صفة المشروع لهذا النص “يفترض وجوبا وحسما أن يكون قد غادر أروقة الحكومة، وتأسيسا عليه، يصبح إذاك مشروعا يعرض على المؤسسات المخول لها دستوريا النظر فيه كمشروع. وهو ما لم يكتسبه النص المعروض حاليا للتقدير العام”.
“بل يمكن الذهاب بعيدا بالقول إن رفضنا للتلاعب والركوب السياسي والتخوين الضمني، لا يضاهيه في العمق سوى تشبثنا بتاريخنا وتراثنا المجيد في النضال من أجل حريات بلادنا ومواطنينا..”، تضيف الافتتاحية.
وختمت الجريدة افتتاحيتها “وإذ ندرك أن مواقفنا، في المواقع الرسمية وغير الرسمية، كنا في المعارضة أو في التدبير، لا يمليها علينا سوى الضمير الوطني اليقظ، والخدمة المتجردة والنبيلة لحقوق بلادنا وحقوق وحريات أبنائه وبناته، فإننا نشدد على أن ثوابتنا في الدفاع المستميت على حريات شعبنا وحقوق وطننا، ستظل قائمة مهما كان الثمن. وكل ما يعارضها تجب مقاومته ورفع اليد عنه. وفي الأخير، فإن الشرط الموضوعي هو الذي يجعل هذا النص أو ذاك جديرا بالاهتمام، والمغرب وهو يتجاوز شروط مواجهة الفيروس وما ترتب عنه آنيا، يكون قد تجاوز كل التباسات الوضع التي كانت وراء النقاش الخاص بهذا النص، وإن لم يكن رسميا، مما يقتضي رفع اليد عنه.. وإنها لمعركة حتى النصر لن تلين فيها سواعدنا..”.
عمدة مدينة الرباط تتفاعل مع فضيحة “تلقي الرشوة” في امتحانات الكفاءة المهنية
وجهت فتيحة المودني، رئيسة المجلس الجماعي للعاصمة، مراسلة إلى فاروق مهداوي، المستشار الجماع…