(أ ف ب)
أثار انتشار فيروس كورونا المستجدّ سيلاً من الأخبار الكاذبة التي أغرقت مواقع التواصل الاجتماعي في كلّ العالم بمعلومات طبيّة وعلمية خاطئة، أو نظريات مؤامرة حول نشأة الفيروس، أو شائعات اجتماعية ودينيّة تتعلّق به. لكن مواقع التواصل باللغة العربية ضجّت بنوع آخر من هذه الأخبار المضللة تتحدّث عن انهيار الحضارة الغربية وعن إقبال كثيف لغير المسلمين على اعتناق الإسلام أو الاستنجاد به في ظلّ انتشار الوباء في العالم.
تركّزت هذه الأخبار الكاذبة، بحسب ما وقع عليه فريق تقصّي صحّة الأخبار في وكالة فرانس برس، بشكل خاص على الصين منشأ الوباء، وإيطاليا أكثر الدول الأوروبية تأثراً به، وإسبانيا التي تعد من أكثر دول العالم تضرراً، ولم توفّر بلداناً أخرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا ونيوزيلندا.
وتتناول هذه المنشورات، سواء كانت نصيّة أو مرفقة بصور أو مقاطع فيديو، أخباراً عن انهيار تام في الحضارة الغربية وإقبال كبير على الإسلام.
الصين:
جاءت أزمة فيروس كورونا المستجدّ لتكون مصدراً جديداً للأخبار الكاذبة عن الصين، بعد تلك التي رافقت حملة السلطات الصينية على أقليّة المسلمين الأويغور تحت شعار مكافحة التطرّف.
وتوحي هذه الشائعات أن الصين عادت وأحسنت معاملتها للمسلمين حين نزل بها بلاء الوباء.
وفي هذا السياق، انتشر مقطع مصور على أنه يُظهر الرئيس الصيني شي جينبينغ في مسجد صيني وهو “يطلب من المسلمين التضرع إلى الله لرفع البلاء عنهم”، لكن الفيديو في الحقيقة يعود للعام 2016 وهو لزيارة تفقدية لمسجد في شمال غرب البلد.
وانتشر مقطع مصور على أنه يُظهر رئيس الوزراء الصيني يصلّي مع المسلمين في مسجد “كي يحميهم الله من هذه الأزمة”. وجاء في تعليق مرافق للفيديو “أخیراً رئیس وزراء الصين يلجأ إلى الله”. لكنّ الفيديو يظهر في الحقيقة رئيس الوزراء الماليزي السابق عبد الله أحمد بدوي خلال أدائه صلاة الجمعة في أحد مساجد بكين خلال زيارة للصين عام 2004.
وفي السياق نفسه، تداول آلاف المستخدمين على الأقل فيديو على أنه يُظهر إقبال آلاف الصينيين على اعتناق الإسلام في ظلّ انتشار وباء كورونا المستجدّ. وجاء في التعليق المرافق “الله أكبر، عدد كبير من الصينيين اعتنقوا الإسلام بفضل كورونا”. لكن الفيديو لا علاقة له بالصين ولا بالوباء، بل هو يُظهر مواطنين من الفيليبين ينطقون بالشهادتين قبل حفل إفطار في المملكة السعودية العام الماضي.
وانتشر كذلك فيديو قيل إنه يُظهر توزيع مصاحف للمسلمين في الصين، وجاء في أحد الشروحات المرفقة مع الفيديو “حكومة الصين منعت المسلمين من قراءة القرآن الكريم وبعد انتشار وباء كورونا حكومة الصين تزوّد المسلمين بالقرآن.. يا لها من معجزة مذهلة من الله والقرآن”. لكن الفيديو في الحقيقة منشور منذ العام 2013 وهو يُصوّر صينيين يحصلون على نسخ من الإنجيل للمرّة الأولى.
إيطاليا:
وكانت إيطاليا، التي اتّجهت إليها أنظار العالم بعدما تفشّى فيها الوباء، مادّة دسمة للأخبار الكاذبة ذات الخيال الخصب.
ففيما كان النظام الصحّي في هذا البلد يرزح تحت ضغط العدد الكبير من المصابين، تداول مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحاً منسوباً لرئيس الوزراء جوزيبي كونتي “انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء”، بما يوحي أن البلد انهار أمام الأزمة، لكن هذا التصريح لا أصل له.
وتداول آلاف مستخدمي مواقع التواصل مقطعاً مصوّراً على أنه يُظهر الشعب الإيطالي يجتمع في ساحة واحدة للانتحار الجماعي بعد فقدان السيطرة على تفشّي الفيروس في بلدهم، لكن هذا الفيديو المنشور كذباً تحت عنوان “الإيطاليون ينتحرون”ملتقط في الحقيقة شهور قبل ظهور الفيروس ويصوّر تظاهرة ضدّ حزب الرابطة اليمينيّ المتطرّف.
وانتشرت أيضًا صور على أنها تُظهر الإيطاليين يرمون أموالهم في الشوارع بعدما لم يعد للمال أهميّة، لكن هذه الصور ملتقطة في فينزويلا قبل نحو عام، ولا علاقة لها بإيطاليا أو بكورونا المستجد.
وفي ما يوحي بفقدان الإيطاليين الثقة بدينهم وإقبالهم على الإسلام بعد انتشار الوباء والعجز عن مواجهته، انتشر مقطع مصوّر على أنه يُظهر إيطاليين ينضمّون لمسلمين يصلّون في مكان عام، لكن الفيديو في الحقيقة، ملتقط عام 2017 في مدينة شيكاغو الأميركية وهو يصوّر انضمام ثلاث شابات إلى صلاة جماعة للمسلمين احتجاجاً على قرارات الرئيس دونالد ترامب التي اعتُبرت معادية للمهاجرين والمسلمين.
ومن الأخبار المضلّلة ذات الصلة صور يدّعي ناشروها أنها تُظهر إقامة الصلوات الإسلاميّة في شوارع إيطاليا “لدعاء الله وحفظه من خطر كورونا”، لكنها في الحقيقة ولا علاقة لها بما يجري حالياً.
ونشر فيديو على أنه يُظهر تكبيرات في شوارع إيطاليا “بعد أن عجزت وأعلنت الاستسلام”، لكنه في الحقيقة ملتقط في تظاهرة مناصرة للأويغور نُظّمت في ألمانيا قبل أشهر.
إسبانيا:
منذ احتلّت إسبانيا موقعاً متقدّماً في الأخبار العالمية مع تفشّي الوباء فيها على نطاق واسع، ظهرت على مواقع التواصل أخبار مضلّلة عنها، مثل فيديو من أربعة مقاطع يدّعي ناشروه أنه يُظهر رفع الأذان لأول مرة منذ 500 سنة، وبأمر من الحكومة، بما يوحي بأن السلطات في هذا البلد ذي الغالبية الكاثوليكية أباحت أو طلبت رفع الأذان في ظلّ انتشار الوباء بعدما كانت تحظره في السابق، لكن رفع الأذان لم يكن ممنوعاً من قبل في هذا البلد الذي يكفل الحريّات الدينية، ولم تصدر الحكومة أي قرار حوله في الآونة الأخيرة.
الولايات المتحدة:
عشرات آلاف مستخدمي موقع فيسبوك باللغة العربية شاركوا مقطع فيديو على أنه يُظهر افتتاح جلسة للكونغرس الأميركي بقراءة آيات من القرآن، في ظلّ ما يعيشه هذا البلد من وضع صحّي خطير وتحذير سلطاته مما هو أسوأ، لكن هذا الفيديو ملتقط في العام 2017 وهو يُظهر دونالد ترامب في احتفال بعد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة، وفي هذا الاحتفال التقليدي تتلى صلوات لمختلف الديانات في البلد.
ألمانيا:
وفي سياق المنشورات الكاذبة عن إقبال الغربيين على الإسلام في زمن الوباء، ظهر على مواقع التواصل باللغة العربية فيديو يدّعي ناشروه أنه يُظهر رفع الأذان في كنيسة ألمانية، لكن هذا الفيديو مصوّر في العام 2015 أي قبل أربع سنوات على ظهور الفيروس، وهو يُظهر نشاطاً أقيم في مدينة أوسترينغن الألمانية لتعزيز الروابط بين المسلمين والمسيحيين.
نيوزيلندا:
ولم توفّر الأخبار الكاذبة نيوزيلندا، فبعد أيام على فرض سلطاته العزل الإلزاميّ على سكّانها في الرابع والعشرين من مارس الماضي، انتشر مقطع على أنه يُظهر فرقة تُنشد أسماء الله الحسنى في كنيسة في هذا البلد من أجل “رفع بلاء الفيروس”، لكن الفيديو يصوّر في الحقيقة فرقة من البوسنة كانت تقدّم حفلة أناشيد في متحف آيا إيريني في إسطنبول عام 2011، ولا علاقة له بنيوزيلندا ولا بوباء كوفيد 19.
الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج
خرج أحمد الريسوني، رئيس حركة التوحيد والإصلاح سابقا، عن صمته بخصوص النقاش الدائر حول المقت…