يوسف غويركات
قرر رئيس الحكومة اقتطاع ثلاثة أيام من أجور الموظفين وأعوان الدولة والجماعات الترابية ومستخدمي المؤسسات العمومية من الأجرة الصافية من الضريبة على الدخل واقتطاعات التعاضد والتقاعد ابتداءً من نهاية أبريل الجاري. وذلك تنزيلا لأحكام الفصل 40 من الدستور، الذي ينص على أنه “على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد”. وبغض النظر عن الإشكال الدستوري والقانوني للاقتطاع الذي لم يراع أحكام الفصل 39 ” على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور”. بمعنى واضح، القانون حصريا من يختص بإحداث التكاليف العمومية وتوزيعها، وليس القرارات التنظيمية الصادرة عن الحكومة..
ومع ذلك فالفصلين معا يتحدثان عن “الجميع” وليس على فئة الموظفين فقط. مما يستوجب على الحكومة البحث عن أنجع السبل كي يساهم الجميع في التكاليف التي تتطلبها مواجهة الأزمة الناتجة عن انتشار وباء كورونا.
وللتاريخ فقد كان الفريق الفدرالي ورئيسه محمد دعيدعة، أول من اقترح تعديلا متكاملا على المادة المتعلقة بأصناف الدخول والأرباح المفروضة عليها الضريبة. واقترح ضريبة عل الثروة، ووضع تعريفا لها، وحدد سعرها ومجال تدبيرها وشروط الحصول على الإعفاءات، والجزاءات المترتبة عن التملص من أدائها.وقد استند الفريق عل الدستور في فصليه 39 و 40.
وجدير بالذكر أن التعديلات المقترحة من طرف الفريق الفدرالي على مشروع قانون المالية للسنة المالية 2012، وافقت عليها لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس المستشارين، وذلك بمساندة من طرف فرق المعارضة وبعض مستشاري فرق الأغلبية وأحد أعضاء مجموعة النقابة الوطنية للشغل بالمغرب المقربة من حزب العدالة والتنمية الذي صوت لصالح هذا التعديل ضدا على رغبة الحكومة.
وفي الواقع، كثيرة هي التعديلات والاقتراحات التي كان يقدمها الفريق الفدرالي بمجلس المستشارين، والتي كانت تصب في إطار دعوة دائمة لمحاربة الفساد، وامتصاص الخصاصات الاجتماعية والتقليص من الفوارق الصارخة المتراكمة، وإقرار مبادئ الإنصاف والعدالة الاجتماعية..
فيما يلي مقترح الفريق مختصرا:
يقصد بالثروة الشخصية، في مدول هذا التعديل قيمة الموجودات المالية المملوكة من قبل فرد أو مجموعة أفراد منتمين لنفس العائلة، والقابلة للقياس بالوحدات النقدية في لحظة زمنية معينة، والتي تتكون أساساً من السلع ذات القيمة العالية أو العقارات أو المعادن والمجوهرات النفيسة أو الأسهم والسندات والودائع المصرفية وبوليصات التأمين أو العربات والمركبات ذات القيمة العالية والمراكب البحرية والسفن ومجموع الحاصلات والأرباح والدخول وكل ما يمكن أن يشكل قيمة مالية تصل أو تفوق عشرة ملايين درهم صافية
وحدد سعر هذه الضريبة في التعديل كما يلي:
1% من ثروة ما بين عشرة ملايين درهم إلى أقل من ثلاثين ملايين درهم؛
1.5% من ثروة ما بين ثلاثين مليون درهم إلى أقل من خمسين مليون درهم؛
2.5% من خمسين مليون فما فوق.
ويحدد مرسوم طرق احتساب القاعدة الضريبية والقيمة الصافية الخاضعة للضريبة.
وفي مجال القواعد المحاسبية، يجب على كل شخص خاضع للضريبة على الثروة أن يمسك محاسبة منتظمة تمكن من تحديد قيمة الأموال المنقولة حسب نموذج تعده الإدارة الجبائية وبشكل يمكنها من القيام بالمراقبة المنصوص عليها في هذا القانون.
ترصد حصيلة هذه الضريبة كما يلي:
50% لفائدة صندوق دعم التماسك الاجتماعي المحدث بموجب قانون المالية 2012؛
50% منها لتأهيل القطاعات الاجتماعية
وفي ما يخص الإعفاءات، يستفيد الملزم في إطار هذه الضريبة من إعفاء جزئي وفق الشروط التالية:
– بناء مدارس وأحياء وإقامات جامعية؛
– بناء أو تجهيز مستوصفات أو مراكز صحية أو دور للعجزة أو مآوي للأطفال المتخلى عنهم، وكل البناءات ذات النفع الاجتماعي؛
– دعم الجمعيات غير الربحية والعصب خاصة تلك العاملة في مجال مكافحة الأمراض الخطيرة، وتلك التي تعنى بشؤون الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها؛
– الساهمة إلى جانب الدولة في ترميم المآثر التاريخية؛
– المساهمة إلى جانب الدولة في كل المشاريع التي تتوخى فك العزلة عن العالم القروي…
تخصم من الضريبة المفروضة على الملزم قيمة مساهمته في جهود التنمية المشار إليها على سبيل المثال لا الحصر في هذه المادة.
أما الجزاء المترتب عن التملص من أداء الضريبة فقد اقترح الفريق تطبيق غرامة تساوي 100% من مبلغ الضريبة المتملص منها على كل ملزم ساهم في أعمال تهدف إلى التملص من دفع الضريبة. كما تطبق غرامة قدرها 30 ألف إلى 100 ألف درهم على كل ملزم أدلى بإقرار يشتمل على بيانات غير صحيحة أو تشوبه إغفالات من شأنها تقليص مقدار قدر الضريبة.
وفي سياق الظروف الاستثنائية التي تعيشها بلادنا، ألا تبدو الحاجة ملحة لإحداث ضريبة على الثروة؟