كل مكونات قطاع الصحة بالمغرب بمختلف فئاته وتخصصاته، مرابطون في المستشفيات، في الصفوف الأمامية لمواجهة جائحة “كورونا ” (كوفيد19)، يقضون ساعات طويلة من العمل المتواصل والدؤوب، كل من مكانه وكل في إطار تخصصه، والجميع يحاول بالإمكانات المتاحة له تجنيب البلاد الكارثة.
في هذا الحوار مع نورالدين اللبيب، ممرض متعدد التخصصات مجاز من الدولة، والذي يشتغل ضمن خلية اليقظة الوبائية، التابعة لمندوبية تمارة الصخيرات، يكشف لـ”الأول” عددا من خبايا عمله اليومي ضمن فريق يتكون من 14 فردا، متعدد الاختصاصات، متواجدين في الصفوف الأمامية من أجل الكشف عن الحالات المصابة بفيروس “كورونا”، وأخذ العينات والتحرك في كل تراب الإقليم.
ويوضح اللبيب تطور انتشار الفيروس في المغرب، والآليات والبروتوكولات المتبعة من طرف أطر وزارة الصحة في كل مرحلة، وتعامل الناس المحتمل إصابتهم لحظة أخذ العينات، وكيف يتجاوبون مع تعليمات السلامة الصحية، وسبب ارتفاع نسبة المصابين في الأيام الأخيرة.
* بداية كيف تقومون بعملكم وماهي إجراءات السلامة التي تقومون بها؟
– أعمل ضمن خلية اليقظة والتدخل السريع والتتبع الوبائي التابعة لمندوبية تمارة الصخيرات، ويتكون فريق العمل من أطباء اختصاصيين في الأمراض التنفسية وبيولوجيين وأطباء وممرضين متمرسين في التتبع الوبائي وممرضين متخصصين في النظافة وحماية البيئة، والعمل يمر في ظروف جيدة تطبعه روح الفريق والإخلاص.
وتقوم خلية اليقظة باستقبال الحالات المشكوك في حملها للفيروس و أخذ العينات، لتقوم بعد ذلك بالبحث عن سبب عدوى هذا الشخص و كذلك الأشخاص المخالطين له بعد إصابته بالعدوى، أي حامل للفيروس يعتبر المريض رقم 2 حيث نجد مريضا قبله ونبحث عن المرضى بعده.
وقد انتقلنا من الانتقاء حسب الأعراض إلى الانتقاء حسب المخالطة، ما يعني إزدياد كبير للعينات المرسلة للمختبر، وبعد أخد العينات يرسل الشخص لمنطقة العزل المتواجدة بمستشفى تمارة تحت إشراف ممرضين متعددي التخصصات، في الإنعاش والتخدير والمستعجلات، إلى جانب متطوعات من تخصصات أخرى كالقبالة وهم من خيرة الشباب و الشابات الذين جاد بهم هذا الوطن العزيز.
وبالنسبة لإجراءات السلامة وضعنا ممرا خاص بالحالات، إلى جانب اللباس الواقي الذي يلبس أثناء أخد العينات ولا يمكننا العمل أبدا دون الممرضات و الممرضين تقنيي النظافة والبيئة والذين يقومون بمهام جليلة.
* كيف تقومون بحفظ العينات والحرص على أن تظل سليمة وقابلة للفحص؟
– العينات توضع مباشرة في ثلاجات صغيرة حافظة للحرارة، وترسل بأقصى سرعة للمختبر عبر سيارات إسعاف “كوفيد19” المخصصة لهذا الغرض والتي يرافقها ممرض(ة) ضمن فريق آخر مكلف بنقل العينات و الحاملين للفيروس، ويرافقهم رجال الدرك الملكي.
* كم عدد زملائك الذين تشتغل معهم وماهي اختصاصاتهم؟ وكم هو معدل العينات التي تأخذونها يوميا؟
– في خلية اليقظة تقريبا 14 شخصا إلى جانب عمال النظافة و سائقي سيارات الإسعاف، أما بخصوص معدل العينات، فقد كان في البداية مرتبط بالأعراض المرضية ومدى إستجابة الشخص للتعريف ( الأعراض و/أو مخالطة شخص مريض قادم من الخارج)، لكن بعد ذلك أصبح مرتبطا بالأعراض أو مخالطة حالة محلية مصابة حيث إنتقلنا إلى dépistage de masse.
ومؤخرا تمت إصابة طبيب يعمل معنا بنفس المشفى (شافاه الله وعافاه) وقد شكل الأمر حالة من الاستنفار القصوى، تم على إثرها إغلاق المشفى مؤقتا وخضوع جميع العاملين به (أكثر من مئتي شخص) من ممرضين و أطباء وتقنيين و عاملات النظافة و الأمن الخاص لأخد العينات و هي لحد كتابة هاته الأسطر سلبية في انتظار باقي النتائج.
* كيف هو تعامل الناس الذين تأخذون منهم العينات؟ هل كلهم متجاوبين مع العملية أم أن هناك استثناءات؟
– الناس جد متفهمين للإجراءات، في غالبيتهم حيث يفتحون لنا أبواب منازلهم ويجيبون عن جميع الأسئلة و يخضعون لأخد العينات بكل ثقة و مسؤولية.
* كيف تكون الحالة النفسية للحالات التي تأخذون منها العينات؟
– الخوف طبيعة بشرية ويكون أكثر حدة عند انتظار نتائج المختبر، حيث يدخل الإنسان في دوامة من الأفكار، لأن نتيجة إيجابية التحاليل سيتبعها إستشفاء لأربعة عشرة يوم وبالتالي إنقطاع عن العائلة و عن الابناء والوالدين…، إلى جانب ضبابية المشهد والخوف من الموت، وهي حالة بسيكولوجية وإجتماعية متعددة الأبعاد ومختلفة النتائج.
* هل لاحظتم تطورا في معدل وعي المغاربة بخصوص انتشار عدوى فيروس “كورونا”؟ وفي أي اتجاه هذا التطور؟
– في المجمل، سكان مدينة تمارة ملتزمون بالحجر الصحي، و هذا ما ألمسه عند تنقلي ذهابا وإيابا إلى العمل، لكن لا أخفيكم أن بعض المناطق الشعبية لا تلتزم أبدا بالحجر أثناء النهار، وربما المسألة مرتبطة بنسبة الفقر والبحث عن لقمة العيش، لذا على الدولة أن توفر لهؤلاء الفقراء معيشة يومية، إلى جانب الشباب الذين يتعاطون المخدرات، حيث من الصعب ضبط تحركاتهم.
* البعض يقول بأنه إذا قمنا بتحاليل بشكل أكبر سنجد مصابين أكبر بفيروس كورونا المستجد، هل هذا صحيح؟
– كما ذكرت سابقا، التعريف السابق كان مرتبطا بالأعراض المرضية و/أو مخالطة حالة قادمة من الخارج أما الآن فقد تغير التعريف وأصبحت أي حالة إيجابية تستدعي الكشف عن المخالطين، ولو لم تكن عندهم أعراض، وبالتالي فمن الطبيعي أن يرتفع عدد الحالات المؤكدة، خصوصا وأن الفيروس في الغالب لا تظهر أعراضه على حامليه، لكن الخطر أنه رغم ظهور العلامات على حامله إلا أنه قد يتسبب في إنتشار المرض.
* هل بلغنا مرحلة الذروة بخصوص انتشار فيروس “كورونا”؟
-الوباء في البداية كان مرتبطا بالقادمين من الخارج ثم أصيبت به الطبقة الثانية و هم المخالطون للفئة الأولى، وإلى هاته الحدود، المسألة كانت تحت السيطرة، لكن ظهور الإصابة في الفئة الثالثة وهي المجتمع فقد كان مؤشرا جد سلبي.
* لماذا النسبة المئوية للوفيات عندنا مرتفعة مقارنة بدول أخرى؟
– الحالات في تصاعد، ولا نعلم بشكل دقيق عدد المصابين الذين لا يظهرون علامات والذين لا تربطهم بالمرضى علاقات عائلية أو اجتماعية، وأصيبوا بالعدوى رغم التباعد الاجتماعي، عبر لمس أسطح مصابة بالعدوى أو أخذوا العدوى من الحافلات وغيرها من الأماكن التي لا يجمع بين مرتفقيها أي رابط.
* كلمة في الختام؟
– على الدولة أن تهتم أكثر بالقطاع الصحي و البحث العلمي والصناعات الدوائية، إلى جانب تشغيل الخريجين لسد الخصاص الذي تعانيه مستشفياتنا العمومية.
نادية العلوي: الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات والتشكيك في منهجية الحوار الاجتماعي هو هدر للزمن السياسي
أكدت نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية، على أن الحكومة تواصل تنزيل نفس الأولويات م…