كل شيء كان ينذر بمؤتمر صاخب لحزب الأصالة والمعاصرة، الذي يحتضنه مركز المعارض محمد السادس بالجديدة، نهاية الأسبوع الجاري، لكن لا أحد توقع أن يقع الإنفجار بالشكل الذي عاشه الجميع في الجلسة الافتتاحية، والمواجهات بين المؤتمري الموالين لحكيم بنشماش ومن معه، من جهة، ومؤتمري عبد اللطيف وهبي، ومن معه، في الجهة الأخرى.

وفي تفاصيل ما قبل انطلاق المؤتمر، انعقد إجتماع أول أمس الخميس، حسب مصادر جد مطلعة لـ”الأول”، بين زعماء الحزب المتصارعين، حضره الجميع، لكن رئيسة المجلس الوطني فاطمة المنصوري، لم تتنازل، وطالبت بوهبي أميناً عاماً، وأن تحافظ هي على منصبها كرئيسة لبرلمان “البام”، وهو نفس ما يطلبه “تيار المستقبل” الذي تنتمي إليه.

وتقول مصادرنا “أن المنصوري “صعدت الجبل”، مع وهبي وسمير كودار، بينما التيار الآخر وعلى رأسهم بنشماش، اعترضوا على وهبي وطالبوا بشخص يحظى بالإجماع.

بعدها واصل كل طرف إنزاله وتحمل نقل ومبيت، أتباعه، واحتلت تقريباً أغلب فنادق الجديدة وأزمور ومنطقة الحوزية، لكن أمام أبواب مركز المعارض حيث المؤتمر، نُصبت الحواجز، ووقف رجال الأمن الخاص، الغلاض الشداد، بلباسهم الأسود، يفتشون ويتحرّون حول كل واحد يلج الأبواب، حتى هناك من بين المؤثمرين من احتج على ما اعتبره “عسكرة للمؤتمر”.

وانطلقت الاحتجاجات مع أول شخص يتم منعه من الولوج إلى المركز من قبل الأمن الخاص بسبب عدم وجود إسمه بين لائحة المؤتمرين، لتتكرر الحالات، حتى اجتمع حشد من الغاضبين، وبدأت المواجهات مع رجال الأمن الخاص لتنتهي بإصابة بعض الأعضاء الذين يتهمون اللجنة التحضيرية بتزوير لوائح المؤتمرين، وإسقاط أسمائهم.

وحسب مصادر من اللجنة التحضيرية، فإنه لا يمكن للمؤتمر، أن يتسع لجميع “الباميين”، وبالتالي فيجب احترام قانون الحزب، والمساطر المعتمدة، في الحضور للمؤتمر.

حرب المؤتمرين، والولوج إلى المركز، انتهت بالتوافق، وتمكن بعض الأعضاء من الدخول وحضور المؤتمر، بعد أن تم اعتمادهم مؤتمرين في آخر لحظة، والحقيقة أنه في “البام” لا يمكن أن تُحسم النزاعات بفرض الأمر الواقع بل بالتوافق، لأنه كما يقول المفاربة “كل واحد بخبزتو”.

لكن السيناريو الأكثر إثارة هو ما وقع في الجلسة الافتتاحية، بحضور الضيوف من ممثلي الأحزاب، من المغرب وخارجه، في قاعة المعارض الكبرى، ووسط أجواء تبدو احتفالية، تكلم في البداية الأمين العام للحزب حكيم بنشماش في ما يشبه رسالة جلد لخصومه، وتأييد لأتباعه، لتنفجر القاعة بالهتاف والتصفيق، في كل جملة يطلقها كالسهم على خصومه في الحزب، كانت لغته مباشرة ضد وهبي، وأوصى المؤتمرين بعدم التصويت له من دون أن يذكره بالإسم.

وبعد أن أنهى كلمته وأفرغ قذائفه في خصومه عاد بنشماش إلى مكانه، وسط التصفيقات الحارة، مما جعل الجميع يفاجأ من صحفيين ومتتبعين وضيوف، فما كان يروج في الإعلام عكس ما يقع في الواقع، حيث كانوا يقولون أن بنشماش ضعيف تنظيمياً وليس له امتداد، بينما تيار المستقبل قوة تنظيمية تمتلك أغلب الجهات، ولكن القاعة أغلبها تهتف بإسم بنشماش، كما أنها في كل مرة كان يطلق عبارة ضد خصومه تلتقطها القاعة بالهتاف، فماذا يحصل بالضبط؟.

جاء الدور على سمير كودار رئيس اللجنة التحضيرية ، أحد قيادات تيار المستقبل المتصارع مع بنشماش، ليأخذ الكلمة وبمجرد ما أن ذكر اسمه حتى انطلقت صافرات الاستهجان، حاول الكلام أكثر من مرة، لكن صوت الصافرات كان يتصاعد أكثر، ثم زاد من حدة نبرة صوته محاولاً السيطرة على الوضع، لكن أتباع بنشماش انفجروا، وهم يجرون إلى المنصة ليحتلوها، ويمنعون كودار من الكلام، هذا الأخير أخرجه رجال الأمن الخاص من القاعة.

انطلقت الفوضى، تبادل الصرب على المنصة، الضيوف هربوا ولم يبقى منهم أحد، قالقيادات الحزبية في “البام” جميعها تلقت الصفعات، حتى الشيخ محمد بيد الله لم يسلم من أيدي المتصارعين، العربي المحرشي، وهبي، المنصوري تلقت جملة من السباب، ليتم اخراجهم من القاعة جميعهم.

تحولت القاعة إلى حلبة ملاكمة، تتعارك وسطها مجموعات متفرقة، كما أن كل محاولة من المنظمين لمواصلة الجلسة، وتهدئة الأوضاع، تنتهي بالفشل، ليستمر الوضع على حاله لثلاثة ساعات.

وكشفت مصادر جد مطلعة ل”الأول”، رواية أخرى حول أسباب انفجار الجلسة الافتتاحية، مؤكدةً على أن كودار أصر على أخذ الكلمة بعد بنشماش للردّ عليه، وأن كلمته لم تكن مبرمجة.

وتحصل “الأول” على نسخة من برنامج الجلسة الافتتاحية، والتي تتضمن كلمة الأمين العام وبعده الضيوف وفقط، ولم تكن مبرمجة نهائياً كلمة كودار، لكن وهبي ومن معه طلبوا من كودار الكلام ضداً على ما تم الاتفاق بشأنه للردّ على كلمة بنشماش القاسية، ما تسبب في نسف الجلسة الافتتاحية.

وزادت ذات المصادر أن بعض قيادات ما يعرف بتيار المستقبل، وبالرغم من أن مرشحها لأمانة العامة للحزب وهبي، رفع شعار الاستقلالية عن “المخزن” وفصل “البام” عن الدولة ورفضه تلقي التعليمات، عكس المؤسسين الذين وصفهم ب”النصابة”، إلا أن هؤلاء القيادات كانت تخبر أصحاب النفوذ المنتمين للبام في عدد من المناطق أن جهات عليا تريد وهبي مرشحاَ، بل إنهم هددوا مجموعة من المنتخبين أنهم سيتم جرهم إلى القضاء في ملفات جنائية متعلقة بالفساد على غرار القضايا الجارية حالياً والتي يتابع فيها بعض المسؤولين.

ورغم كل ذلك تقول مصادرنا استطاع بنشماش ومن معه الحفاظ على امتداد تنظيمي له داخل المؤتمر، بل أظهر تحكمه في المجريات وأنه رقم لا يمكن تجاوزه عندما عاد وألقى كلمة هدأت الأوضاع، وهو الأمر الذي لم تستطع فاطمة الزهراء المنصوري القيام به هي التي جاءت وسط المؤتمرين محاولة تهدئتهم لكن أتباع بنشماش واصلوا احتجاجهم عليها وهم يصرخون “إرحلي”.

بنشماش ألقى كلمته للتهدئة بعد اجتماع صاخب جمع القيادات، لكنهم اتفقوا على المرور مباشرة إلى التقرير الأدبي والمالي لمناقشته والمصادقة عليه وتعيين لجنة الرئاسة من دون العودة إلى كلمة كودار التي رفضتها القاعة، ولم يخل الاجتماع من حوادث حتى أن وهبي كاد ينهار بعد أن بدأ يصرخ بغضب مما حصل، معتبراً أنه عار على الحزب وأمام الضيوف، وعدسات الإعلام والصحافة.

يمكن أن نقول أن بنشماش سجل نقطاً إضافية لصالحه، وحسب مصادر مقربة منه فإنه يستعد للإعلان عن ترشحه في الساعات المقبلة، وقد تأكد له أنه بإمكانه الاحتفاظ بالأمانة العامة، خصوصاً بعد تمرير التقريرين المالي والأدبي، والمصادقة عليهما بشبه إجماع، حيث رفضهما 45 مؤتمر فقط وامتنع 5 فقط.

كما أن بنشماش استطاع اقتسام لجنة رئاسة المؤتمر مع خصومه عندما تم تعيين عبد اللطيف عميار، المحسوب عليه، مع محمد لمتوكي المحسوب على تيار المستقبل”.

التعليقات على كواليس الجلسة الافتتاحية لمؤتمر “البام”.. بنشماش يفاجئ الجميع ويظهر كرقم قوي.. وهبي ينهار بعد نوبة غضب والمنصوري تفشل في تهدئة المؤتمرين مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

انتهاء “أزمة” إضراب المحامين.. فرضوا على وهبي “التنازل” في مجموعة من النقط وهذه أهم الاتفاقات

أعلن مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب رسمياً، أمس الاثنين، إنهاء مقاطعة الجلسات في مختلف …