أصبح المشهد الكروي المغربي مؤخرا كلوح لركوب الأمواج (Blanche de surf)، يمتطيها مسؤولون كرويون، يحاولون عبثا توجيه موجة كبيرة “Grosse vague”، كي لا ترتطم وتحطم اللوح الذي يبدو ضعيفا جدا أمام ما ينتظره.

بعد مرور مدة من تدبير الجامعة الملكية لكرة القدم، الحالية لهذا المجال الذي يلتقي فيه الشغف والمنافسة وتُعقد عليه الآمال ويشكل مجالا للترويح عن النفس ولتخفيف الضغط الحاصل بسبب الواقع الاجتماعي، لم تستطع ولحدود الساعة أن ترتقي به كي يصير احترافيا، فلا يعتبر إسم الشيء دليلا على ماهيته، فربما هو فقط مجرد توصيف لطموحات أو في أحيان أخرى تسترا على واقع “غارق” في الارتجالية ويغيب فيه المعنى الحقيقي للاحترافية.

مناسبة هذا الكلام هو ما تشهده الساحة الكروية مؤخرا، خصوصا بين من أصبح يصطلح عليهما إعلاميا بـ”الغريمين”، الرجاء والوداد، وهذه “الحرب” الكلامية القائمة الآن والتي انطلقت منذ انطلاق الموسم الكروي الحالي، غير أن حدتها ازدادت مؤخرا، و”كرة الثلج” أصبحت أكبر.

 

احتجاج الرجاء على التحكيم

بدأ الأمر منذ بداية الموسم الحالي، وتحديدا في شهر نونبر من السنة الماضية، حينما بعث فريق الرجاء الرياضي برسالة احتجاج إلى رئيس اللجنة المركزية للتحكيم ورئيس الجامعة، وبخصوص تحكيم الحكمين الكزاز والنحيح، بسبب قراراتهما، التي اعتبرهما فريق الرجاء، “ضربا لابسط قواعد التنافس الرياضي وتكافؤ الفرص بين الأندية الوطنية”.

وتحدث الرجاء في تلك الرسالة، عما اعتبره “أخطاء ضد مصالح الفريق، في عدم احتساب ضربتي جزاء في مبارتي أولمبيك أسفي ونهضة الزمامرة فضلا عن إلغاء هدف في مباراته الأخيرة”، ليسارع فريق الوداد في اليوم ذاته، إلى بعث رسالة إلى الكاتب العام للجامعة، يطالب من خلالها فتح تحقيق، ضد تصريح منسوب لمدرب الرجاء حينها، الفرنسي “كارتيرون” ، بعد المباراة التي جمعت فريقه بنهضة الزمامرة.

بعدما خرج المدرب الفرنسي بتصريحات ينتقد فيها تحكيم مباراة فريقه ضد نهضة الزمامرة، ويشير فيها إلى أنه في حال استمرار التحكيم بهذه الطريقة مع الفريق الأخضر، سيحسم لقب البطولة بسهولة لصالح الوداد.

مباراة الرجاء والدفاع الحسني الجديدي

بعد مرور عدة جولات من البطولة الوطنية لكرة القدم، وتواجد الفريقين (الوداد والرجاء) في عدد من الواجهات، العربية والقارية، وما يستلزمه من برمجة للمباريات على مستوى إدارة الناديين والعصبة الاحترافية، بدأت تظهر عدة مشاكل تطورت لخلافات برزت بحدة في المباراة المؤجلة بين فريق الرجاء الرياضي والدفاع الحسني الجديدي، والتي راسل حولها النادي الأخضر العصبة الاحترافية في مناسبتين يطلب منها تأجيل اللقاء، الذي تم تحديد تاريخ 7 يناير للعبه، نظرا لتزامن موعد المباراة مع تواجده في الجزائر، واستعداده لخوص مباراته ضد شبيبة القبائل يوم العاشر من الشهر ذاته.

وبعد أيام من اللغط حول المباراة التي رفض فريق الرجاء البيضاوي إجراءها ضد فريق الدفاع الحسني الجديدي، والمراسلات التي بعث بها الرجاء إلى العصبة الوطنية لكرة القدم، جاء الرد من هذه الأخيرة على لسان عضويها ورئيس لجنة البرمجة بها، عادل التويجر، الذي أكد أن قرار إجراء المباراة في موعدها قرار لا رجعة فيه.

وقال التويجر في تصريح صحفي على إحدى الإذاعات الرياضية، إن “الفصل 21 الذي يستشهد به فريق الرجاء البيضاوي يتحدث عن منافسات الاتحاد الدولي لكرة القدم أو الكاف”، في إشارة منه إلى أن كأس محمد السادس للأندية أبطال العرب الذي ينظمه الاتحاد العربي غير معترف به من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم.

هذه الحرب الكلامية نقلت عبر وسائل الإعلام إلى الجماهير، دفعت عددا من الرجاويين إلى الاعتقاد بأن كلام عضو العصبة التي يرأسها سعيد الناصري رئيس الوداد، مستفز ويدخل في إطار “شد الحبل” بين العصبة والرجاء.

حيث اعتبر انصار الرجاء أنه كان من الممكن تأجيل المباراة لفسح المجال لفريق مغربي ينافس على واجهتين، عربية تحمل إسم ملك البلاد، وأخرى إفريقية.

في حين اعتبر الرأي الآخر المساند لقرار العصبة أن عددا من الأندية التي تنافس على عدة واجهات سترغب في الضغط على العصبة إذا ما تم تأجيل مباراة الرجاء، ليقرر هذا الأخير وبعد اجتماع لمنخرطيه مقاطعة المباراة، خصوصا بعد تجاهل فريق الدفاع الحسني الجديدي لهذا النقاش الدائر وطرحه لتذاكر المباراة وكأن الأمر يمر في أجواء عادية.
واتضح فيما بعد أن ما قاله سعيد الناصري حول رفض الفريق الدكالي تأجيل المباراة، غير صحيح، حينما صرح عبد اللطيف مقتريض بأنه لم يتوصل بأي وثيقة تهم التأجيل، فبدأ تشكيك الجماهير في حيادية العصبة الاحترافية وتعامل رئيسها الذي صرح أنه يتعامل مع الأندية سواسية ولا يتدخل في البرمجة.

تسريب تسجيل صوتي لجمال السلامي

كرة الثلج لم تتوقف هنا، بل لا زالت تكبر يوما بعد يوم، أياما بعد ذلك، تم تسريب تسجيل صوتي منسوب لجمال السلامي المدرب الحالي للرجاء، الذي خلق ضجة كبيرة في الأوساط الرياضية، كذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يتهم فيه أطرافا لم يسمّها بشن “حرب” على فريق الرجاء البيضاوي، من خلال عدد من المحطات، بدايةً من عدم تأجيل مباراة الدفاع الحسني الجديدي، وصراع الميركاتو الشتوي، وصولاً إلى الزوبعة التي فجرها الأداء التحكيمي خلال المباراة التي جمعت الرجاء بالنهضة البركانية.

احتجاج مشجعي الوداد

أصدرت جميعة الوداد “أكسيون” المناصرة لنادي الوداد الرياضي، بلاغا بالأمس، تستنكر فيه ما وصفته بـ”المس باسم وتاريخ وسمعة النادي “الأحمر”، وطلبت من جامعة الكرة، ”التدخل للحفاظ على سمعة المؤسسات الرياضية ومؤسسة نادي الوداد الرياضي”.

كما اعتبرت الجمعية المذكورة، أن الفترة الأخيرة عرفت العديد من الأحداث المؤسفة، التي لا تمت للأخلاق والروح الرياضية بصلة، معتبرة أن بعض خرجات مكونات نادي الرجاء الرياضي، “تضرب في مصداقية الأجهزة الرياضية الوطنية بما فيها نادي الوداد”.

ووصفت أن الخرجات “تنشر السموم والبغض بتجاوزها لكل الحدود”، محذرة مما “ قد يتسبب في أحداث شغب بين الجماهير، كما عددت مجموعة من الأمور التي اعتبرتها تدخل في هذا الصدد، من بينها “لاعبو الرجاء وعلى رأسهم محسن متولي يتغنون بكلمات نابية، وحركات لا أخلاقية تجاه الوداد بعد نهاية إياب “ديربي” البطولة العربية”، “لاعبو الرجاء وفي مقدمتهم بدر بانون يتغنون مرة أخرى بعد “ديربي” الذهاب برسم البطولة، بعبارات تسيئ لتاريخ الوداد الرياضي”، “مدرب الرجاء يضرب في مصداقية كل الأجهزة الرياضية بما فيها الأندية واللاعبين والحكام في تسريب صوتي أساء لكل المؤسسات الرياضية في البلاد”، “الطامة الكبرى جاءت من مسيري الرجاء حيث تغنوا في تونس بأغنية تسيئ للوداد الرياضي، رفقة من أساء بالأمس القريب للراية المغربية”. حسب بيان الجمعية.

بلاغ مكتب الرجاء ضد تصريحات إذاعية

في الضفة المقابلة، وجه المكتب المسير للرجاء الرياضي، بلاغا شديد اللهجة لإذاعة “راديو مارس”، على خلفية إحدى التصريحات التي اعتبرت أن مكونات نادي الرجاء “يبصقون على المنظومة”.

وأعلن النادي الأخضر في بلاغه، عن “مقاطعته بشكل تام من طرف جميع مكونات النادي من لاعبين و تقنيين و إداريين و مكتب مديري لإذاعة “راديو مارس”، واللجوء للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري للمطالبة بتطبيق القانون في هذه النازلة، ووضع شكاية ضد الأشخاص الصادرة عنهم تلك التصريحات لدى الأجهزة القضائية المختصة، وسلوك جميع المساطر القضائية في مواجهة المحطة الإذاعية المذكورة لجبر الضرر الذي لحق نادي الرجاء الرياضي”.

يبدو أن الأمر لن يتوقف قريبا، فالمسألة بدأت بتصريحات هنا وهناك، لينتقل الأمر إلى الجمهور وإلى المهتمين ثم إلى الإعلاميين الذين رموا الكرة إلى ملعب المسؤولين، لتصبح كرة الثلج أكبر وأكثر تأثيرًا، ليتشكل “حشدين” تحركهما حالة من الغضب (la rage)، بعيدا عن الوعي وموجهة ضد كل ما هو مختلف ورافضة لإعمال العقل، رغم أنها ترفع عدة شعارات كبرى ومهمة في المدرجات وفي بلاغاتها، كدمقرطة الرياضة وحرية التعبير ومحاربة الفساد الإداري في الأندية الرياضية وفي الجامعة.

وأمام كل هاته التحولات العميقة والخطيرة، يبقى فوزي لقجع رئيس جامعة الكرة في موقع المتفرج، رغم أن الاتهامات تتوجه له من كل حذب وصوب، بصفته رئيس الجامعة، وبصفته الرئيس “السابق” لنهضة بركان، الذي يعتبره أنصار الرجاء أحد المستفيدين مما يقع في المشهد الكروي.

التعليقات على “الحرب” تدق الطبول بين الرجاء والوداد.. والجمهور يتهم العصبة ولقجع بالتدخل في المشهد الكروي مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

الغموض يلف صفقة تفويت “مارشي الجملة” لبناء ملعب الهوكي بالرباط

علامات استفهام طرحها مستشارون بمجلس مدينة الرباط، بعد نشر وثيقة عبر بوابة الصفقات العمومية…