وجّهت الجمعية المغربية لحماية المال العام شكاية ضد مجهول، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف بالدار البيضاء، من أجل شبهة تبديد أموال عمومية وخرق قانون الصفقات العمومية والتي تضمنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018 في الشق المتعلق بشركة الدراسات والإنجازات السمعية البصرية (صورياد-M2).
وقالت الجمعية في شكايتها، إنها “إطلعت على تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018 وهو التقرير الذي تناول بالإفتحاص مجموعة قطاعات والمؤسسات العمومية، وأن من بين تلك المؤسسات شركة الدراسات والإنجازات السمعية البصرية (صورياد-M2 )، حيث توقف التقرير المذكور عند إستفادة الشركة المذكورة من مبالغ مالية عمومية منحتها لها الدولة خلال الفترة 2008-2017 بلغت مامجموعه 506 مليون وبمتوسط 50,50 مليون درهم في السنة”.
وأضافت شكاية الجمعية التي يرأسها محمد الغلوسي المحامي بهيئة مراكش، أنه “ورغم هذا الدعم العمومي للقناة التانية يضاف إليه عائدات الإشهار فإن شركة “صورياد” تحقق نتائج صافية نسبية وتكبدت خسارة سنوية قدرها 98,4 مليون درهم بين خسارة 2008و2017 وأرجع تقرير المجلس الأعلى للحسابات هاته الخسارة إلى أهمية حجم النفقات مقارنة بالموارد بما في ذلك دعم الدولة”.
وسجل التقرير كون جميع المحصلات المحاسباتية والمالية للشركة تثير عدة تساؤلات، ذلك أن القيمة المضافة تمثل 50% من نفقات التسير، وبالنسبة لبعض السنوات فإن القيمة المضافة لاتمكن من تغطية نفقات الموظفين كما أن رقم المعاملات لايمكن من تغطية نفقات الشركة علاوة على أن هناك ديونا ضخمة أثرت على ماليتها.
وأشارت الشكاية إلى أنه “استمرارا في رصد الخلل والعجز المالي الذي يواجه الشركة، فإن التقرير توقف عند الرصيد السلبي للخزينة بناقص 168 مليون درهم وهو نقص مزمن ووصل هذا الرصيد إلى ناقص 304مليون درهم سنة 2017 ، أي يمثل أكثر من ستة (6) أشهر من المبيعات، وتفاقمت الوضعية المالية للشركة نتيجة ارتفاع التكاليف المالية والتي بلغت 7 ملايين درهم كل سنة، وبتاريخ 31 دجنبر 2017 تبين محاسبة الشركة عددا من الديون غير المسددة، والمتمثلة في، مستحقات الموردين ويبلغ رصيدها 370,8 مليون درهم، مستحقات الدولة والمؤسسات الإجتماعية والتي لم تسسد بقيمة85,8 مليون درهم، مستحقات الوكيل الحصري للإشهار بمبلغ 5,100 مليون درهم”.
وتجاوزت شركة “صورياد-M2″، وفق الشكاية “جميع التسهيلات البنكية الممنوحة لها مع جميع ماتنطوي عليه هاته الوضعية من مخاطر”، مشيرة إلى “أن وضعية (راديو-M2 ) تبقى مشابهة لوضعية (صورياد-M2) ذلك أن رقم معاملات راديو M2 انخفض من 22 مليون درهم إلى 8,4 مليون درهم في عام 2017، أي بنسبة قدرها 62%”.
وعلى الرغم من أن الوضعية الصافية لشركة “صورياد-M2” لاتتلاءم مع قانون شركات المساهمة، تستطرد كاية الجمعية، فإن الجمع العام غير العادي المنعقد بتاريخ 26 يونيو 2014، قرر مواصلة عمل الشركة، وفقا لأحكام المادة 357 من قانون شركات المساهمة.
وأشارت الجمعية إلى أن “النظام بالمحاسبين لشركة (صورياد-M2) يكتنفه الغموض، ذلك أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009 وكذلك الشأن بالنسبة لتقرير 2018 سجل كون الشركة المذكورة لم تقم بضبط فوترة المبيعات ذلك أن فواتيرها لاتتضمن عمولة وكالة (3 Regie) مما يقلل رقم معاملات القناة”.
وأضافت بأن “الشركة لم تطلب من وكالة الإشهار (3 Regie) المستندات المحاسبية للتأكد من صدقية وحقيقة مبيعاتها وذلك في خلاف تام مع مقتضيات المادة 21 من عقد وكالة الإشهار المؤرخ في 19 يوليوز 1991، كما لم تقم بإجراء تدقيق لحسابات وكالة الإشهار بواسطة خبير محاسب رغم ورود ذلك في توصية تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009 ورغم التنصيص على ذلك ضمن المادة 8 من عقد وكالة الإشهار لعام 1991”.
ورغم الوضعية المالية المقلقة للقناة التانية فإنه يتم منح إعلانات مجانية خارج الشروط والأحكام التجارية ، ولاتقوم شركة “صورياد-M2″ بتتبع منتظم للإعلانات المجانية التي تمنحها وكالة الإشهار، مبرزة أن التقرير سجل وخلال الفترة 2013-2017 كون الإعلانات المجانية، قد وصلت قيمتها إلى 653,26 مليون درهم مقابل قيمة مبيعات إجمالية قدرها 2869.91 مليون درهم، أي بنسبة 23%”.
وفيما يتعلق بمساطر الصفقات وسندات الطلب فإن هناك 14 خدمة غير ملزمة باحترام هاته المسطرة، وتستحود 7 شركات فقط على أكثر من 70% من إجمالي عدد المشاريع المعتمدة من قبل القناة، بمبلغ إجمالي قدره 259,2 مليون درهم.
وبالرجوع إلى دفتر التحملات لعام 2012، تقول الجمعية، فإن هذا الأخير “ألزم القناة التانية وفي إطار إبرامها لعقود الإنتاج الخارجي أو الإنتاج المشترك ، للجوء إلى المنافسة من خلال طلبات عروض ، لكن تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي أورد هذه النقطة أكد بأنه قد تم الحصول على العديد من البرامج دون طلب عروض، ذلك أن شركة (صورياد-M2) أبرمت عدة عقود بطريقة مباشرة دون اللجوء إلى طلبات العروض للحصول على برامج جاهزة للبث تتجاوز قيمتها الإجمالية 275 مليون درهم، وأمايعادل 74% من الميزانية المنفقة على اقتناء البرامج بالمناقصة خلال نفس الفترة (368 مليون درهم)”.
وزادت شكاية الجمعية أن “الوقائع أعلاه تشكل جزءا من تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018 بخصوص وضعية شركة ” صورياد-2m″، وبعد اطلاعها على الوقائع الواردة بالتقرير المذكور في شقه المتعلق بالقناة التانية 2m تسجل مايلي:
1/ – وجود تشخيص دقيق للوضع المالي لشركة ” صورياد-2m″ وهو التشخيص الذي إنتهى إلى كون الوضع المالي للقناة التانية هو وضع مقلق والوضعية المحاسبية للشركة سجلت عجزا واضحا.
2/- جواب الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية المرفق بالتقرير المذكور لايتضمن إجابات شافية وواضحة على الوضع المالي المقلق للقناة بل إنه وفي جوابه لجأ إلى أسلوب التعميم دون تقديم الأدلة الكافية لتبرير الوضع المالي المقلق للقناة التانية
3/ بلغت قيمة المنح المقدمة من طرف الدولة لشركة “صورياد-2m″ خمسة وأربعون مليون درهم في السنة وذلك مابين 2013/2016 و 80مليون درهم في عام 2017 و65 مليون درهم في 2018 وفق تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018.
4/ إن المجلس الأعلى للحسابات وضمن تقريره المذكور قد أعزى الوضعية المالية المقلقة لشركة ” صورياد-2M″ إلى ماأسماه أهمية حجم النفقات مقارنة بالموارد بما في ذلك دعم الدولة.
5/ إن حجم النفقات التي تحدث عنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات لم يوضح التقرير نفسه أوجه تلك النفقات وكذلك هذا هو الأهم طبيعة الحجج المقدمة لتبرير تلك النفقات وما إذا كانت مطابقة للقانون ام لا..؟.
6/ – إن تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018 وفي شقه المتعلق بالفتحاص مالية شركة ” صورياد-2M″لم يوضح مآل الدعم العمومي الضخم الموجه للقناة الثانية كقناة عمومية وما إذا ثم توظيفه فيما أعد له
7/ سجل المجلس الأعلى للحسابات ضمن نفس التقرير كون «جميع المحصلات المحاسباتية والمالية للشركة تثير عدة تساؤلات »، لكن المتتبع للتقرير يلاحظ أن هناك سعي أو محاولة من طرف معدي التقرير لتبرير ذلك بارتفاع الديون وعدم ملاءمة شركة” صورياد-2M″ من خلال وضعيتها المالية الصافية لقانون شركات المساهمة.
8/ يستشف من تقرير المجلس الأعلى للحسابات بخصوص وضعية شركة “صورياد-2M″ أن العلاقة المالية بالخصوص بين الشركة ووكالة الإشهار Regie3″” يكتنفها الغموض واللبس في الجانب المالي وذلك عند حديث التقرير عن ما أسماه “عدم ضبط نظام الفوترة”، حيث أن التقرير ورغم ذلك لم يوضح بشكل شاف تلك العلاقة حتي أن الحيز المخصص لها، أي للعلاقة بين الطرفين، يبقى محدودا، ويمكن الوقوف عند هذا الغموض بقراءة الفقرة التالية الواردة في التقرير «تحتل شركة القناة التانية المركز الأول في المغرب من حيث نسبة المشاهدة و نتيجة لذلك فإن طلب المعلنين للإشهار في القناة مهم جدا، وعلى الرغم من هذا لم تحقق الشركة إلا الخسائر منذ 2008، وتساهم العلاقة بين الشركة ووكالة الإشهار الحصرية “3Regie ” بشكل كبير في هذه الوضعية ».
9/ إن تقرير المجلس الأعلى للحسابات ورغم إيراده للمعطى والاستنتاج أعلاه فإنه أبقى على حالة الغموض في العلاقة بين الشركة ووكالة الإشهار الحصرية والتي أكد بأنها هي السبب في الخسائر التي منيت بها شركة” شركة « صورياد-2M»
10/ تحدث تقرير المجلس الأعلى للحسابات بشكل محتشم عن الصفقات وسندات الطلب المبرمة بين شركة” صورياد-M2″ وبعض الشركات دون أن يقف عند أثر تلك الصفقات على مالية الشركة وما إذا كانت تلك الصفقات قد أجريت طبقا للقانون.
11/ – جواب الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية المرفق بالتقرير لايتضمن أية إشارة للإختلالات والقصور الذي شاب مجال الصفقات وسندات الطلب ولم يقدم أي جواب بخصوص ذلك، رغم ورود ذلك في التقرير.
ويتضح من كل ماسبق، وفق شكاية حماة المال العام، أن الوضعية المالية لشركة “صورياد-M2″ مقلقة للغاية رغم الدعم المالي العمومي المهم المقدم لها من طرف الدولة ورغم عائدات الإشهار واللجوء إلى القروض وإبرام الصفقات.
وحيث إن القناة التانية كقناة عمومية تتلقى أموالا عمومية وتسجل عجزا ماليا كبيرا، وتشكل القناة الأولى من حيث نسبة المشاهدة كما هو وارد بتقرير المجلس الأعلى للحسابات ملزمة بالتقيد بالقانون وتقديم كل الوثائق المالية المحاسبية المبررة لأوجه صرف المال العام.
وحيث إن تقرير المجلس الأعلى للحسابات قد أكد بأن« جميع المحصلات المحاسباتية والمالية للشركة تثير عدة تساؤلات».
وحيث إنه ورد في نفس التقرير دائما مايلي: أظهر تحليل عقود الإلتزام المتعلقة بشركة ” M2″ أن “Regie3″ تطلب من المعلنين الحصول على جزء من طلباتهم الإشهارية لدى Medi1tv التي تعتبر منافسة لشركة ” M2″ هاته الوضعية تؤكد أن وكيل الإشهار “3Regie “يستغل أداء ” صورياد-M2″ من حيث نسبة المشاهدة ويستخدمه لتسويق المساحات الإعلانية لقنوات منافسة »
فإن الفقرة أعلاه والمقتبسة حرفيا من تقرير المجلس الأعلى للحسابات، تشكل قمة الغموض وغياب الشفافية في العلاقة بين شركة ” صورياد-M2″ والوكيل الحصري للإشهار.
12/ إن تقرير المجلس الأعلى للحسابات لم يذكر أسماء ومسيري الشركات المستفيدة من سندات الطلب والصفقات حتى يتأتى استنتاج طبيعة العلاقة المفترضة التي قد تربط بين هذه الشركة ومسؤولي القناة التانية.
إن الوقائع المسطرة أعلاه والواردة بتقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018 بخصوص وضيعة شركة ” صورياد-M2″، بحسب الجمعية المغربية لحماية المال العام، قد ترقى إلى جرائم معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي خاصة أمام الوضعية المالية المقلقة للقناة التانية والتي شهدت عجزا ماليا خطيرا يقتضي تحريك المسطرة القضائية من أجل إجراء كافة الأبحاث والتحريات المفيدة بخصوص شبهة تبديد أموال عامة وخرق قانون الصفقات العمومية وغيرها.
وطالبت الجمعية الوكيل العام بإصدار تعليماته إلى الشرطة القضائية المختصة قصد الاستماع لتوضيحات وإفادات وزير الإتصال الناطق الرسمي السابق للحكومة، مصطفي الخلفي، الاستماع لإفادات وتوضيحات الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، الإستماع لإفادات وتوضيحات لمسؤول شركة “صورياد-M2″، الإستماع لإفادات لمسؤولي القناة التانية وكل شخص قد يفيد في الوصول إلى الحقيقة والاستماع لإفادات وتوضيحات مسؤولي وكالة الإشهار، مع الأمر بإجراء خبرة محاسبية تسند لمكتب خبرة مختص قصد تقييم الوضعية المالية لشركة “صورياد-M2” والإطلاع على كافة الفواتير والوثائق والمستندات المحاسبية المتعلقة بالوضعية المالية للشركة وتحديد أسباب العجز المالي الخطير للشركة وبيان أوجه ومبررات وسندات صرف مالية الشركاة وتحديد المسؤوليات بدقة وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالجانب المالي، ومتابعة كل من سيثبت تورطه في وقائع الشكاية بناء على ماسيسفر عنه البحث من نتائج.