تناقلت في الآونة الاخيرة تقرارير إعلامية، أخبارا مفادها أنه على إثر قيام ملياردير مغربي معروف يسير مجموعة من الشركات بالنصب على مستثمرين أجانب بواسطة فواتير وهمية، واضطرار المستثمر الأجنبي المتضرر الى سلوك مسطرة التحكيم أمام المحكمة الدولية بباريس بتاريخ 2019/1/29، أصدرت الهيئة التحكيمية المكونة من ثلاثة محكمين حكما تحكيميا قضى بتحميل المسؤولية للمجموعة المغربية والأشخاص الذاتيين المسيرين لها، وأداء الميلياردير المعروف ومجموعة من شركائه للمستثمرين الأجانب مبلغ 197.200.000 درهم بسبب استعمال الأطراف المغربية لفواتير وهمية بالإضافة الى مبلغ 33.126.040 درهم قدموها لعملية تفويت أسهم شركة مساهمة وتم التفويت على أساسها رغم أنها اتضح فيما بعد أنها فواتير وهمية بالاضافة الى مبلغ 33.126.040 درهم.
واثر تقديم الطرف الأجنبي طلبا إلى رئيس المحكمة التجارية بالدارالبيضاء من أجل تذييل الحكم التحكيمي الاآنف ذكره بالصيغة التنفيذية صدر بتاريخ 2019/5/27 أمر وفق طلبه استأنفته المجموعة المغربية، وأخذت على الآمر الذي استأنفته، بأنه شابه عيب شكلي بعلّة حسب ما ذكره الطرف المغربي المستأنف ورد فيه أنه أمر استعجالي أعطى الصيغة التنفيذية الى الحكم التحكيمي الدولي الآنف ذكره، وليس أمرا رئاسيا.
وتبعا لهذا، قام المستثمر الأجنبي بتقديم استئناف فرعي طلب فيه اعتبار أن تنصيص الأمر المستأنف، بأنه أمر استعجالي جاء مجرد خطأ مادي ورد في الحكم وأنه لم يرد أي خطأ في المقال الذي تقدم به ولم يلحق أي ضرر بالطرف المغربي، واستدل باجتهاد سابق عن محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء في حالة مشابهة، لم يأخذ بعين الاعتبار هذا العيب الشكلي بعلّة أنه لم يلحق أي ضرر بمن أثاره.
ثم بادر الطرف المستثمر الأجنبي إلى تقديم استئناف فرعي طلب بموجبه إصلاح الخطأ المادي الآنف ذكره الذي شاب أمر الإكساء بالصيغة التنفيذية المستأنف تصحيحه، وتأييد الأمر المستأنف على هذا الأساس. لكن ما حصل بمحكمة الاستئناف بتاريخ 21 نونبر 2019 لم يكن متوقعا وفاجأ الجميع، ذلك ان محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء بتت في الاستئنافين الأصلي والفرعي بموجب قرار أصدرته بتاريخ 21 نونبر 2019 قضى باعتبار الاستئناف الأصلي الذي قدمته المجموعة المغربية التي يرأسها الملياردير المغربي المعروف، إلغاء الأمر المستأنف وحكم من جديد بعدم قبول طلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، وبرد الاستئناف الفرعي الذي قدمه المستثمر الأجنبي.
وفي تعليل لا تخفى غرابته رأت محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء، وبناء على عيب شكلي لم يلحق ضررا بمن أثاره، أن الأمر المستأنف صدر في صيغة أمر استعجالي وليسا أمر رئاسيا عن رئيس المحكمة، ولو أنه صدر عن نفس المؤسسة، لأن تذييل حكم تحكيمي بالصيغة التنفيذية يرجع الاختصاص للبت فيه لرئيس المحكمة التجارية، ورغم هذا اعتبرت محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء، أن الأمر المستأنف شابه خطأ مادي عندما ورد فيه أنه صدر عن رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للمستعجلات،وهكذا ألغته على هذا الأساس.
واللافت للانتباه أيضا هو أنه عوض أن تقضي بعد إلغائه بإرجاع الملف الى رئيس محكمة الدرجة الأولى للبت فيه طبقا للقانون، فان محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء قضت في نفس القرار من جديد بعدم قبول طلب تذييل الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، والحال أنها لم تسجل أية مؤاخذة على طلب المستثمر الأجنبي والاكتساء بالصيغة التنفيذية، وأن العيب الوحيد الذي اخذته محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء (برئاسة القاضية “خ. ع . إ” والتي كانت في نفس الوقت مقررة) هي أنها اعتبرت أن الأمر المستأنف شابه عيب شكلي، لكن دون أي تعليل، فانها قضت بعدم قبول طلب إكساءه بالصيغة التنفيذية دون أن تسجل على هذا الطلب أي إخلال، وأية مآخذ.
و يعتبر متتبعون أن الخطأ القضائي الفادح نتج عنه أن المستثمر الأجنبي وقع ضحية خطئين قضائيين وهما:
الخطأ القضائي الأول وقع في المرحلة الابتدائية، لما تمت الاستجابة لطلب المستثمر الأجنبي بإكساء الحكم التحكيمي الدولي بالصيغة التنفيذية، لكن رئيس المحكمة التجارية بالدارالبيضاء مصدر الأمر بالإكساء عوض أن يصدره بصفته تلك، مثلما ينص عليه القانون، فإنه أخطأ لما أصدر الأمر في صيغة أمر استعجالي وهو خطأ قضائي لا يمس جوهر الأمر وإنما يمسّ شكله دون أن يكون له تأثير على الطرف المحكوم ضده بالإكساء.
لكن الخطأ القضائي الثاني الذي وقعت فيه محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء يبدو أكثر جسامة، ويتمثل في أن المحكمة السابق ذكرها ليس فقط أنها لم تستعمل حق التصدي المخول لها بموجب الفصل 146 من قانون المسطرة المدنية، فإنها لما اختارت الحل الثاني أي قضت بإلغاء الأمر المستأنف واعتبرت أنه لا يجوز أن يصدر في صيغة أمر استعجالي بل يجب أن يكون أمرا رئاسيا، فإنها عوض أن تقضي بإرجاع الملف لرئيس محكمة الدرجة الأولى الذي بت في الطلب طبقا للقانون، فإنها، وبدون أي موجب جزاء على طلب الاكساء بالصيغة التنفيذية المقدم من طرف المستثمر الأجنبي وقضت بعدم قبوله.
وهذه هي الاخطاء القضائية الفادحة التي ذهب ضحيتها المستثمر الأجنبي دون أي ذنب اقترفه، فالمؤاخذة وجهتها محكمة الاستئناف التجارية بالدارالبيضاء لرئيس المحكمة التجارية بها بنفس المدينة، لكن الجزاء لم تقتصر على تسليطه على الأمر المستأنف الذي ألغته بل إنها سلطت جزاءا على طلب إكساء الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية وقضت بعدم قبوله دون أن يكون هذا الطلب في حدذاته مشوبا بأي عيب شكلي.
ونتيجة لهذه الأخطاء القضائية الفادحة يوجد هذا المستثمر الأجنبي الآن مجبرا على إعادة تقديم مقال آخر لنفس رئيس المحكمة التجارية بالدارالبيضاء من أجل تقديم نفس الطلب وهو من أجل استصدار أمر آخر لتذييل نفس الحكم التحكيمي بالصيغة التنفيذية، والحال أنه كان قد تقدم بمقاله منذ شهر أبريل 2019.
إن مثل هذه الأخطاء لا تخفى فداحتها لما تصدر عن محاكم تجارية لمحكمة بالدارالبيضاء بدرجتيها ابتدائيا واستئنافية والحال أن القصد منها ترسيخ فكرة اختيار محاكم مختصة في المجال التجاري الهدف منها حماية الاستثمار والرفع من جودة الاحكام المنوطة بالمحاكم التجارية وبرؤسائها إصدارها.
أمام تزايد الانتقادات.. الحكومة الألمانية تفتح تحقيقا لكشف ما إذا كان بالإمكان تفادي هجوم ماغديبورغ
تعهّدت الحكومة الألمانية الأحد بفتح تحقيق لكشف ما إذا كان بإمكان أجهزة الاستخبارات منع وقو…