لم يتأخر رد رجال القانون على كلام البرلماني عن حزب العدالة والتنمية خالد البوقرعي، الذي اعتبر في أحد مداخلاته في نشاط حزبي، بأن “أكبر خطأ ارتكبته حكومة بن كيران هو إقرار استقلال السلطة القضائية واستقلال النيابة العامة”.
القاضي والباحث في القانون، حكيم الوردي، وجه نقدا لاذعا لما قاله البوقرعي، في تدوينة له على حسابه بموقع “فيسبوك”، عندما قال “ليس أخطر على دولة القانون من أن يترنح لسان رجل السياسة الخفيف ليرطن بالأراجيف عقب صدور حكم قضائي لا يوافق الهوى الحزبي أو الميل الإيديولوجي، فيجترح كلاما لا يخلو من حماسة ويفتقد للكياسة، ليطعن في اختيار سيادي بمنح النيابة العامة استقلاليتها استجابة لنداءات القوى الحية في منظومة العدالة (أساسا نادي قضاة المغرب و باقي الجمعيات المهنية وجمعية هيئات المحامين بالمغرب،)”.
وأضاف الوردي في تدوينته التي عنونها بـ”غرور وأوهام”، “فإن صح ما نقله موقع اليوم 24 بالأمس عن البرلماني خالد البوقرعي من ترديده بمناسبة تجمع حزبي بمولاي يعقوب من أن : “أكبر خطأ ارتكبته حكومة بن كيران هو إقرار استقلال السلطة القضائية واستقلال النيابة العامة”، فسيكون ذلك حتما إحدى مظاهر البؤس والضحالة الفكرية التي ابتلي بها المشهد السياسي في مغربنا الحبيب”.
معتبرا أنه “ليس لأن سياسيا متأخرا يدعو إلى فرض الوصاية الحزبية على السلطة القضائية، ولكن وأساسا لجهل مركب بحجم الدور الذي يعتقد أنه قد لعبه في إقرار الاستقلالية”، مضيفا “لمقولة العارف بالله ابن عطاء السكندري دلالة بليغة في توصيف الأزمة: كفى بك جهلا أن تحسن الظن بنفسك”.
ويرى الوردي من خلال تدوينته أن “التاريخ القريب يشهد على حجم المقاومة التي أبداها المركب المصالحي في الحزب والجريدة لتحريف النقاش الرصين حول الأجرأة الدستورية لاستقلالية النيابة العامة بإخراجها من جبة رجل السياسة، كما تحتفظ الذاكرة بالافتتاحيات والمقالات الرجعية التي حاولت بالترهيب والتهويل التشويش على مكسب إصلاحي عميق طالما تشوف إليه دعاة الاستقلالية الحقيقة للسلطة القضائية التي لا يمكنها أن تكتمل بشهادة المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان في ظل تبعية رجال الدعوى العمومية لسياسي مكبل بقيود الولاء للحزب والعشيرة”.
واستطرد الوردي في نقده لما قاله البوقرعي، “إذا فالذين يتشدقون منا أو حسرة على استقلالية النيابة العامة إثر كل إجراء منضبط للشرعية القانونية مس بمصالحهم الحيوية، ينبغي أن يترسخ في يقينهم أنهم بذلك يسيؤون لاختيارات أمة ومسار وطن. مادام تكريس القضاء كسلطة إنما جاء به دستور 2011 في حين أن استقلالية النيابة العامة حسمتها إرادة ملكية سامية تعلو على الحسابات السياسوية الضيقة. وشرعنتها أحكام المحكمة الدستورية النهائية والتي لا تقبل أي طعن”.
ووصف الوردي كلام برلماني العدالة والتنمية بـ”الشعبوية”، قائلا “إن امتشاق خطاب الشعبوية لتبخيس الأحكام القضائية دون إطلاع على وثائق الملف ومستنداته ولا إدراك بمساراته الإجرائية، ولا حتى قراءة لحيثياته وعلله واسانيده الواقعية والقانونية لا يحمل إلا على استبداد الميل والهوى في إطلاق العنان للسان لإصدار الأحكام في مخالفة بشعة حتى للمرجعية الدينية التي نعلن انتماءنا إليها والتي تحض على تجنب سوء الظن الذي لا يغني عن الحق شيئا وألا يقفو المرء ما ليس له به علم”.
واعتبر الوردي أن “الحماسة” هي التي “تستبد” بخالد البوقرعي، “فتطمس فيه البصيرة، وتجلو ما كان يواريه في السريرة من نزعة قهرية مزمنة كانت تتمنى إدامة الهيمنة الحزبية على السلطة القضائية لاستعمالها ضد الخصوم والأعداء وفرملتها في مواجهة الخلان والأصدقاء”، مضيفا “أما التباكي على غياب المحاسبة عن تنفيذ السياسة الجنائية، فإنه لا يعكس إلا تمردا واضحا على الشرعية كما تبلورت في حكم المحكمة الدستورية”.
ليختم تدوينته قائلا “للأسف يبدو أن ضعف التنشئة القانونية، وعدم صفاء الطوية لا يشجعان على فتح نقاش علمي مفيد للديمقراطية التي لا تزهر إلا باحترام السلطة القضائية”.
حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية
تكبد لبنان “خسائر اقتصادية” بأكثر من خمسة مليارات دولار خلال أكثر من عام من ال…