أعلنت فدوى مساط الصحفية المغربية المتميزة عن مغادرتها لمنصبها كمديرة في منصة “أصوات مغاربية”  التابعة لشبكة “الشرق الأوسط للإرسال” MBN التي تضم قناة “الحرة” وراديو “سوا”.

وكتبت مساط ندوينة على حسابها الشخصي على فيسبوك، قالت فيها، “ممتنة جدا للمحبة التي أحطتموني بها منذ أمس.. ممتنة لكل المكالمات الهاتفية والرسائل التي تود الاطمئنان علي.. أنا حرة أخيرا!
لقد غادرت رسميا منصة “أصوات مغاربية” وأتمنى لطاقمها المتميز كل التوفيق..
شكرًا جزيلا على هذا الدعم الذي أشعرني وأنا على بعد آلاف الكيلومترات من المغرب، أنني هناك معكم وأنكم هنا معي .. سأستغل هذه الفترة لقضاء الوقت مع والدتي التي تحتضر.. محبتي”.

وكانت مساط قد نشرت أمس تدوينة مطولة، ذات حمولة شاعرية، أعلنت من خلالها خبر استعدادها لمغادرة عملها، حيث كتبت: ” عزيزي سعيد،
انتهيت قبل قليل من كتابة رسالة استقالتي للمدير. رسالة أنيقة، قصيرة، أخبرته فيها أنني خلعت أخيرا القيد الذي طوق عنقي لمدة خمسة عشر سنة. طوق “الصالير” الذي استعبدني كل هذه السنوات وسرق مني شبابي وكل الأحلام الشاهقة التي كنت أبنيها بحب وأنا طفلة صغيرة في وزان.
أخبرت مديري أنني قررت كسر طوق العبودية الذي رماه على عنقي كل هذه السنوات.. أن أبيع البيت الذي لا أدخله إلا وأنا جثة تزحف على ركبتيها من التعب، فلا أستمتع بنوافذه الكبيرة ولا أشجاره الحزينة التي تتطلع إلي بإشفاق كل ليلة.. أن أبيع السيارة التي لا أحتاج كل المميزات التقنية التي كادت تحولها إلى طائرة نفاثة وليس وسيلة نقل يومي من وإلى البيت.. أن أتخلص من المجوهرات اللامعة التي أخفيها في درج غرفة النوم، ولا أجد الوقت ولا المناسبة لارتدائها، حتى كادت تفقد لمعانها مع الوقت..
أخبرته يا سعيد أن هذا العمل امتص رحيق الحياة من شراييني، وحولني إلى آلة حقيقية من لحم ودم، تعبد مديرها، تتحكم بها أجندة غوغل، تشتغل الإثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس، الجمعة، السبت والأحد.. تشتغل حتى منتصف الليل وتكون أول الواصلين صباحا لحضور اجتماع التحرير..
قلت له يا سعيد أنني أنفقت عمري مقابل ماذا.. لاشيء!
قلت له أنني لم أرقص تحت المطر كما كان يليق بي، لم أغامر بارتكاب الحماقات في شارع مظلم عند منتصف الليل كما كان يجدر بي، لم أعشق رجلا يكتشف تضاريس جسدي بمتعة، ويعلمني أبجديات الشهوة كما كان يجب علي.. لم أدخن، لم أسكر، لم أرتد تنانير قصيرة ولم أقص شعري ولا صبغته باللون الأحمر كما كنت أتمنى دائما..
اكتشفت أنني “مشيت جنب الحيط” كل هذه السنوات خوفا من أن تخذلني الحياة، لكنني عرفت اليوم أنني خذلت نفسي!
شيدت طوال خمسة عشر سنة بيتا جميلا، اشتريت سيارة فاخرة، صار لدي حساب في البنك، اقتنيت الكثير من الفساتين والأحذية ذات الكعب العالي.. صرفت الكثير من المال لتشذيب شعري بشكل كلاسيكي وصبغ أظافري بألوان محافظة وحرصت على أن يكون مظهري مطابقا لشكل الموظفة المثالية كل صباح.. إلى أن فاجأت نفسي وأنا أحدق في وجه امرأة غيري في المرآة هذا الصباح!
صدقني سعيد، لم أعرفني!

لم أعرفني!

أنا لست تلك المرأة!

هذه ليست أنا!
كانت أحلامي شاهقة.. كان تمردي حارا متدفقا عبر دمائي، وكنت أحلم بتغيير العالم.. لم أغير شيئا يا سعيد وغيّرني العالم.. حوّلني إلى عبدة حقيقية تجثو على ركبتيها كل أسبوعين كي تتلقى راتبا افتراضيا يرمى في حساب بنكي غامض، به عدد لا متناه من الأرقام، يختفي قبل أن أتمكن من لمسه!
اعتقدتُ يا سعيد أنني عبر عملي، كنت أساهم في تغيير العالم، لكنني اكتشفت أنني نجحت في تغيير نفسي فقط، وحولتها إلى امرأة أخرى لم أكنها أبدا..
كتبت كل هذا يا سعيد وقرأت رسالتي أكثر من مرة، لكنني كنت أجبن من أن أرسلها لمديري!!
أقنعت نفسي أن أجثو لمدة أسبوعين إضافيين حتى أتمكن من إيجاد عمل جديد، ألا أغامر بمغادرة منصبي الآن، مع أن قلبي يصرخ داخل صدري يطلب أن أتوقف عن هذا الهراء وأن أهرب..

أهرب..

أهرب..

أهرب إلى نفسي وأعتذر لها وأطلب الغفران!”.

التعليقات على “بطريقة شاعرية”.. الصحفية المغربية المتميزة فدوى مساط تغادر منصة “أصوات مغاربية” بواشنطن مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

أخنوش: الملك قاد منذ توليه العرش استراتيجيات ناجحة عززت مكانة بلادنا كوجهة صناعية تنافسية