حسن التايقي*
بعد زلة أكادير المدوية، هل سيستيقظ العقل الحزبي البامي للعمل من أجل تلطيف الأجواء، والعودة إلى الهيئات الحزبية للشروع في تشييد حوار العقلاء، يكون منطلقه ومنتهاه شرعية المؤسسات، ومصلحة الحزب، الذي من المفترض أن نتعايش جميعا تحت سقفه بشكل متساوٍ في الحقوق والواجبات، دون استعلاء أو دونية، تجاه هذا الطرف أو ذاك؟ وبعيدا عن التراتبية المقيتة التي تتعمد تصنيف مناضلي الحزب إلى درجات ومستويات.
ألم يحن الوقت لنعمل جميعا على فتح نوافذ مختلف هيئات الحزب حتى يتسرب داخلها أوكسجين الحوار الهادئ، والنقاش الديمقراطي المنتج، والتفاعل النضالي البناء؟
قد نتفق أو نختلف حول طبيعة الوضع الذي يعيشه الحزب، هل هو أزمة تنظيمية، أم هو نقاش صحي نحو الأفضل؟ ولكن لا يختلف إثنان، أن حزب الأصالة والمعاصرة، مدعو الْيَوْمَ إلى الخروج من وضع التراشق والنقاش المنفعل، والانخراط بكل منتسبيه ومنتسباته، وبشكل تشاركي وجماعي، في إحداث التحول المنشود، كما جاء في “وثيقة عناصر خارطة الطريق” للسيد الأمين العام، على أساس الاستمرارية، وعلى أساس البناء على التراكم..
أعتقد أن مضمون الحوار الأخير للسيد عبد اللطيف وهبي، المنشور بجريدة هسبريس الإليكترونية، بتاريخ 31 دجنبر الأخير، يدعونا وبإلحاح إلى العودة لوثيقة عناصر خارطة الطريق، التي ينبغي أن تشكل محور التعاقد السياسي والأخلاقي الجديد، الذي بات يربطنا مباشرة بعد انتخاب السيد حكيم بنشماش أمينا عاما للحزب، وخاصة عندما نتوقف عند بعض “القناعات أو الأفكار” الواردة في الحوار، والتي تكررت أكثر من مرة، وهي في الحقيقة متضمنة وحاضرة بوضوح في خارطة الطريق، من قبيل:
ولعل ما يدعونا إلى نبذ أية محاولة ترمي إلى سلب مناضلات ومناضلي الحزب إرادتهم، ليس هو فقط الدفاع عن شرعية المؤسسات، وقطع الطريق أمام محاولات تهريب النقاش، بل هو كذلك مسؤولية وواجب نضالي لتحصين وتطوير ما راكمه الحزب من مكتسبات وإنجازات في مسار عشر سنوات من العمل السياسي الجاد، والتضحية والتفاني والصمود لكل نسائه ورجالاته، وهذه المسؤولية، بقدر ما ينبغي أن نتقاسمها والوعي بجسامتها جميعا، فهي تبقى غير كافية إذا لم يتحلى الجميع بالقدر الكافي من النضج والتواضع والالتزام بالعمل الجماعي والتشاركي، فعلا وَقَوْلا، وفق الضوابط القانونية والمؤسساتية الحزبية، والابتعاد ما أمكن من بعض السلوكات المشينة، والتهور الفردي الفج، الذي يُسقط أصحابه في الجرأة الزائدة والحريّة المتمردة على الضوابط الحزبية.
المسؤولية الحزبية تقتضي اليوم منا جميعا وضع المسافة المطلوبة بين اختياراتنا الفردية، وبين التوجهات والقرارات الحزبية، ولاداعي هنا أن نُذكر الرأي العام الحزبي كم عانى الحزب في العديد من المرات من الأضرار السياسية الكثيرة التي لحقت به جراء بعض السلوكات التي لا ترتاح إلا في التمرد والقفز على اختيارات الحزب.
ونعود ونقول، أنه إذا كنّا نتوخى صادقين الدفاع عن مؤسسة حزبية ديمقراطية حداثية تتجه نحو المستقبل، فإنه قبل الحديث عن نبذ بعض تصرفات الماضي، كما دعا إلى ذلك السيد عبد اللطيف وهبي في حواره، وهي الدعوة التي تتقاطع مع ما تضمنته خارطة الطريق بوضوح، عندما تم التأكيد على ضرورة إحداث القطيعة مع العديد من الأساليب والممارسات التي تفشت وحالت دون تفجير واستثمار الطاقات الهائلة التي يزخر بها حزب الأصالة والمعاصرة..، يتعين علينا أولا، تحديد طبيعة هذه الممارسات بوضوح، حتى يتفق الجميع على نبذها والقطع معها، ولا أجازف إن قلت أن ما يهدد الحزب الْيَوْمَ ليس فقط أعطاب الماضي، بل أساسا في بعض سلوكات الحاضر التي تعمل على فرملة أداء الحزب، سواء بوعي أو بدون وعي، وخير مثال على ذلك، الوضع الذي يعيشه الحزب منذ انتخاب أمينه العام ومكتبه السياسي في أواسط شهر يوليوز المنصرم.
وهنا أتساءل، هل يمكننا تأسيس حزب ديمقراطي حداثي في ظل الحديث عن الاتفاقات السرية، والتوافق خارج هيئات الحزب؟
وإذا كنّا لازلنا ننتظر الإفصاح بجرأة عن طبيعة الاتفاقات التي أخل بها السيد الأمين العام؟ أين تمت هذه الاتفاقات؟ وكيف تمت؟ وبين من ومن؟ فإننا نود أن نذكر الجميع، أن الاتفاق الوحيد الذي ينبغي الالتفاف حوله، هو أولا، مرجعية الحزب وثوابته ومبادئه، وثانيا، التعاقد السياسي والأخلاقي الذي طوَّق به السيد الأمين العام نفسه عند انتخابه أمام كل عضوات وأعضاء المجلس الوطني، ولا خيار أمامنا إذا كنّا نطمح صادقين إلى إعداد حزب المؤسسات، حزب حداثي التوجه، ديمقراطي في اختياراته وتدبيره، مستقل في قراراته، سيادي في علاقاته وتحالفاته، تسمو فيه الإرادة الجماعية، ولا تغتصب شرعية مؤسساته، إلا بالعودة إلى المؤسسات الحزبية، وتحكيم العقل وسيادة منطق الحوار الهادئ والبناء والرصين.
* عضو المكتب الفيدرالي
بنعلي.. الوزارة ستواصل خلال سنة 2025 العمل على تسريع وتطوير مشاريع الطاقات المتجددة
أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلي بنعلي، اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، أن …