عز الدين الصادقي

18763289_1670073026633316_740133700_n

تعتبر مدينة تاوريرت نموذجا في عدم احترام القانون وتطبيق الأحكام، على مستويات عدة، واحدة منها تتعلق بقضية تنفيذ قرار مجلس الوصاية الصادر بتاريخ 24 يونيو 2010 قرار عدد 01/06/م.و/10 القاضي بتحديد المالكين الشرعيين للأرض المسماة “احميرات” والذي كانت السلطات المحلية مطالبة بتنفيذه.

يذكر أن  قرارات مجلس الوصاية لا تقبل الطعن، لكن منذ إحداث المحاكم الإدارية أصبح ذلك ممكنا ما دفع الطرف “المحتل” لهذه لأرض– بتعبير من حكمت المحاكم لصالحهم- لأزيد من ستين سنة ليطعن في هذا القرار أمام ابتدائية المحكمة الإدارية بوجدة والتي رفضته في منطوق حكمها واستأنف هذا الحكم وتم تأكيد الرفض من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، ثم محكمة النقض التي بدورها رفضت طعن المحتلين في قرار مجلس الوصاية،  قرار رقم 02/1 المؤرخ في 28 يناير 2016 رقم 2804/4/1/2013.

قرار مجلس الوصاية الذي أكدت صوابه المحاكم في مراحلها الثلاث، سوف يصطدم تنفيذه بواقع مر وصعب، أمام تسلط السلطة وجبروت المال وانعدام الأخلاق وعدم اكتراث المسؤولين المحلين بإقليم تاوريرت بنص وروح خطاب الملك في افتتاح الدورة الأخيرة للبرلمان، ولا برسالة الملك  لوزير العدل والحريات حول احتلال أملاك الغير، ولا بقرار مجلس الوصاية ولا حتى بأحكام القضاء.

بعدها جاءت محاولات التنفيذ الموسومة بالمؤامرات المكشوفة، والمناورات المحبوكة بين السلطة ونواب الأراضي السلالية بتاوريرت، حيث تظاهرت السلطة بمحاولة التنفيذ، وكل مرة تخرج أسبابا للتأجيل، وتخلص إلى عدم إمكانية التنفيذ.

وبعد مراسلاتعدة جهات من بينها الديوان الملكي ووزارتي العدل والداخلية ومجلس الوصاية وولاية الجهة الشرقية، وصلت مراسلة من وزير الداخلية عدد 4884 م ش ق بتاريخ 24 ماي 2017 تأمر العامل بالتنفيذ العاجل وبموافاة الوزارة بأسباب ومبررات التأخر في التنفيذ حُدِّد يوم 26 يوليوز للتنفيذ وأُنتِج كالعادة مبرر احتجاج المحتلين وعدم التوفر على القوة الكافية وإقرار صعوبة التنفيذ.

حينها تدخل العامل الحديث التعيين على الإقليم واستقبل الورثة الشرعيين ليخبرهم بأن لا أحد في تاوريرت يريدهم في أرضهم، وبأن الأرض توجد في وسط حضري وهي تساوي كثيرا من المال، ثم كلف الكاتب العام بالتنسيق معهم ولم يتأخر في اقتراح وساطة كل من السيد ناصري الميلود والسيد سليمان التاج بينهم وبين المحتلين وبأنهم إذا استمروا في إحداث مزيد من الضجيج حول هذه الأرض فإن الدولة ستنتزعها منهم لفائدة أي مقاول يقترح مشروعا له منفعة على المدينة، وبالطبع كان يقصد الشخصين سالفي الذكر والذين مرا برئاسة المجلس البلدي وأصبحا من أغنى أغنياء هذا الوطن.

أول أمس استقبلهم العامل ليحسم في أمر الوساطة الذي ابتكرها وعين من أجلها واحد من الأعيان ورمز من رموز الفساد بامتياز.

كيف يسمح عامل لنفسه بتجاوز قرارات وزارته الوصية ومراسلة وزيره ويعاكس قرارات المحاكم ليقترح حلا بديلا؟ وما هي صفة الوسيط الذي يراه مناسبا؟ أليس العامل ملزما باحترام المفهوم الجديد للسلطة الذي أقره الملك؟ وهل تعيين عامل على الإقليم تعني احترام المؤسسات وقراراتها والعمل على صيانة الحقوق واحترام التوجهات العامة للدولة التي تقتضي الحنكة والصدق والأخلاق في ممارسة المسؤولية؟ وما معنى أن يتصرف العامل بهذه الطريقة التي لا تشرفه ولا تعكس التوجهات الكبرى للدولة؟

إن محاولة إرهاق أهل الحق، وابتزازهم لتسهيل افتراسهم من طرف مول “الشكارة” والتحايل على القانون لإيجاد فتوى خارج السياق يسائل المسؤولين حيث كانوا ليضعوا حدا لهذا الاغتيال الممنهج للأمل في سمو العدل واحترام حقوق الناس، لقد ادعى العامل بأنه هو من يقرر وإذا لم يعجبهم ذلك فما عليهم إلا برفع دعوى قضائية ضده؟ ألا يمكن اعتبار العامل رافضا للامتثال لقرارات وزارته، ومتمردا على أحكام قضائية تزكي صواب قرار وزارته؟ ما يحدث في تاوريرت رهيب، وما هو إلا امتداد لاختلالات كثيرة وممنهجة.

التعليقات على تاوريرت.. حيث لا يكترث عامل الإقليم بتوجيهات الملك مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…