#كاسح_ألغام_وأفتخر

عبد العزيز عثماني
-1-
لا أدري لماذا تذكّرني أغلب كتابات الأخ الكريم والوزير المحترم محمد يتيم التي خطها بعد 18 مارس 2017 بنكتة دالة كنّا نرددها كثيرا على عهد الراحل الحسن الثاني، وذلك كناية على الخوف الذي كان يهيمن على قطاع واسع من المغاربة من “المخزن” إلى جانب “الما والعافية/النار). وخلاصة هذه النكتة أن سيدة من عامة الشعب أصاب ابنها خلل عقلي جعله يصيح في الملأ : أنا الملك .. أنا الملك.. ، فما كان من أمه المسكينة الخائفة عليه من بطش رجال البصري إلا أن تتبعه وهو في الشارع لتردد وراءه (كلما قال أنا الملك) قائلة : “أديال النحل أسيادي .. ديال النحل”(مع الاعتذار للنحل الذي تحكمه ملكة وليس ملكا).
هذا بالضبط ما يحاول أن يقوم به من حين لآخر الأخ الكريم محمد يتيم مع قطاع واسع من إخوانه عموما ومن شباب حزب العدالة والتنمية بشكل خاص، معتقدا بفائض الحكمة لديه أنهم، على شاكلة الفتى صاحب حكاية “أنا الملك”، ضلوا عن “المنهج” وقد يتسببون ب”تهورهم” فيما لا يحمد عقباه .
فلما رأى جزاه الله خيرا ذلك التقارب الفريد في العالم العربي كله بين أصوات يسارية حرة وديموقراطية مع حزب العدالة والتنمية وأمينه العام، ولأن تلك الأصوات والأقلام لا ينظر إليها بعين الرضى من قبل السلطة، فقد انبرى أخونا الكريم يحاكي دور الأم المسكينة الخائفة على مصير ابنها، ويبرئ ذمة الحزب وشبابه من مواجهة الملكية أو حتى “تهمة” الدعوة للملكية البرلمانية.
وعندما عبر كثير منا بمرارة قاسية عن رفضه للمسلسل الذي تلى إعفاء الأخ الأمين العام وتعيين حكومة أبريل بالمكونات والتشكيلة المعروفة، قام الأخ يتيم بدوره جزاه الله خيرا، فنبهنا مرة أخرى وذكرنا بالقواعد الأصولية ومبادئ الحزب، وأفزعنا بميزان القوى في “الوضع الدولي” و”السياق العربي” “وداكشي”… وذلك حتى نستوعب ما استوعبه هو فصبر واحتسب وقبل متواضعا المشاركة في حكومة الأخ سعد الدين.

-2-
على شاكلة نمط التفكير الذي اختاره الأستاذ يتيم، فقد نبهنا وحذرنا من أن نكون بمثابة كاسحات ألغام في “صدام مع الملكية”، وأن يأكل بعض اليساريين الثوم بفمنا.
عن هذا أقول: إذا كان الأمر يتعلق بالوطن ومستقبل الديمقراطية في بلدنا، فأنا متأكد بأن مناضلي العدالة والتنمية هم فعلا كاسحات ألغام، بما هي أداة للإصلاح والتضحية ومن أدوارها هو استكشاف الالغام وأداء الثمن اللازم عن ذلك، وذلك كله حتى يعبُر الوطن إلى منطقة الأمان والسلامة التي ليست إلا الديموقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية…

وإذا كان من أخص خصوصيات الألغام أنها مخفية وغير معروفة المكان، فيكفي حزب العدالة والتنمية فخرا وعلى رأسه أمينه العام القائد الشهم عبد الاله بنكيران أنه تمكن في ظرف وجيز من كسح ألغام كثيرة، وعلى رأسها لغم كبير يسمى “التحكم”. فقد وفقه الله إلى الكشف عن مكانه وفضح رموزه و”كسح” مخاطره على البلاد والعباد. وحينها فقط استطاع الناس ومنهم سياسيون لم يجرؤوا من قبل على ذلك أن يتحدثوا عنه بكل وضوح ودون خوف او تردد.
نعم، كاسحة الألغام تتعرض لا شك للضرر بعد كشفها وتفجيرها للألغام، ولذلك فقد أدى الأخ الأمين العام الثمن المطلوب لذلك دون أن تتعطل أو تتضرر قدرته، والحمد لله، على كسح الألغام المتبقية، وذلك بمساعدة كل الأحرار والديموقراطيين في هذا البلد.
ومن الألغام القاتلة كذلك التي كسحها الحزب بقوةِ وحصافة أمينه العام، هو العزوف عن الشأن السياسي لدى عموم المواطنين، مما شكل عائقا حقيقيا أمام أي انتقال ديموقراطي حقيقي. ففي سنوات معدودة من “الكسح” تمكن مناضلوا الحزب وعلى رأسهم ذ. عبد الإله بنكيران من تقريب الناس من السياسة وجعلهم فاعلا عنيدا في الاستحقاقات الانتخابية الثلاث الاخيرة ، وذلك في مواجهة قوى التحكم والنكوص التي جندت ما يُعلم وما لا يُعلم من الوسائل والإمكانيات لمصلحة حزب التحكم، وفشلت ، مع “ولد زروال” في ذلك.
وإذ لا يسمح المقام بالرد المفصل على “المنهج” برمته الذي يعتمده الأخ يتيم في الحجاج لفائدة الرأي الذي يتبناه، خصوصا بشأن ما تلى إعفاء الأخ الأمين العام، فإنني أكتفي بالإشارة فقط دون تفصيل او تمثيل إلي عيبين بارزين في هذا “المنهج”:
الأول يكمن في اعتماد الاخ يتيم على مقدمات صحيحة، لكنه يتحايل فلسفيا (وليس منطقيا)، لينتهي إلى نتائج فاسدة (بالمعنى المنطقي وليس الأخلاقي). وهكذا يذكرنا أخونا بالقواعد الاصولية الصحيحة والثوابت و”تدبير تعارض المصالح والمصالح والمفاسد، والمفاسد والمفاسد، والمصالح”، ولكنه بالنتيجة ينتصر لرأي مخالف صراحة لمواقف الحزب المعبر عنها في وثائقه الرسمية ومنها “أطروحة النضال الديمقراطي” التي ساهم هو بشكل مباشر في صياغة مشروعها الأولي، او مذكرة الإصلاح الدستوري التي قدمها الحزب سنة 2011؛
والعيب الثاني يكمن، عكس الاول، في اعتماد مقدمات فاسدة، والانتهاء إلى نتائج تكون بالطبع فاسدة، وهو ما فعله أخونا عندما بنى تحذيره المبطن لشباب العدالة والتنمية من مسايرة بعض الأصوات اليسارية الحرة، مؤسسا ذلك على مقدمة فاسدة مفادها أن لطيفة وطارق وعبد الصمد ومن هم على نهجهم يدعون إلى “التنازع والصدام مع الملكية”.

أقول قولي هذا وأبرأ، في المقابل، من الردود التي توجهت للأخ يتيم بالسب أو القذف أو الاتهام بدون بينة.

التعليقات على محمد يتيم وحكاية “ملك النحل” مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…