خرجت جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، على مرتين الأولى ببلاغ توضيحي، حول “هجرة” 50 من خريجي المعهد إلى دولة الإمارات، والثانية بتصريح لرئيسها ياسين أحجام، لتدافع عن مباراة التوظيف التي أقيمت بمقر المعهد من أجل تشغيل هؤلاء الخريجين بدولة الإمارات، ولتدافع أساساً عن الأشخاص الذين لعبوا دور “الوساطة” في هذه العملية من بدايتها حتى نهايتها.

ولم يجب البلاغ الذي كان ردا على التحقيق الذي أنجزه “الأول” تحت عنوان “تحقيق.. “الأول” يفضح “مؤامرة” إفراغ المغرب من فنانيه والتخطيط لهجرة 50 مسرحيا نحو الإمارات”، عما ورد من حقائق ومعلومات دقيقة، ووثائق غير قابلة للتحريف، بقدر ما كان يهدف إلى تقديم مبررات لا تلامس جوهر الموضوع.

ومن بين النقط التي أثارها البلاغ أن مباراة التوظيف موضوع التحقيق “تمت بشكل علني ولم تعترها السرية”، في حين أن الحقيقة هي ما جاء على لسان أحد المشاركين في المباراة نفسها، والذي رفض الكشف عن هويته، كما أشار “التحقيق”، حيث قال “في البداية تم تعميم رسالة نصية على تطبيق الواتساب، مضمونها أنه سيتم تنظيم مباراة للتوظيف بدولة الإمارات العربية في مجال تدريس مادة المسرح، وعلى الراغبين إرسال سيرتهم الذاتية إلى رقم هاتف إماراتي اتضح أنه يعود لحسن النفالي”.

ثم، ألا يمكن طرح السؤال حول وجود فئات أخرى، من خريجي الجامعات تم إخفاء الأمر عنها حتى يستفيد خريجو المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي لوحدهم، دون خريجي هاته الجامعات، التي تحتضن مسالك لدراسة المسرح، وبينهم حاصلون على الماستر والدكتوراه.

وبالتالي فأين تتجلى العلنية التي تحدث عنها بلاغ جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي؟.

النقطة الثانية التي حاجج بها البلاغ هي أن “المباراة تمت بمقر  بتاريخ 23 يوليوز 2018، من باب تيسير هذه المؤسسة لكل المبادرات التي تروم إلى تسهيل ولوج خريجيها إلى فرص الشغل المتاحة، لاسيما أن المؤسسة تربطها علاقة التعاون وشراكة مع الهيئة العربية للمسرح بإمارة الشارقة”، وإنطلاقا من هذه الفقرة فإن البلاغ يؤكد ما جاء في “التحقيق” وهو أن المباراة احتضنها مقر المعهد، من دون أن يتم إبلاغ وزارة الثقافة الوصية على المعهد بهذه المعلومة المهمة والمسطرية، حسب ما أكده الوزير محمد الأعرج، الذي أكد للموقع أنه طالب مدير المعهد بتقرير مفصل حول الواقعة، هذا من جهة ومن جهة أخرى يتضمن البلاغ مغالطة كبيرة هو أن احتضان المباراة كان بناءً على اتفاقية تجمع المعهد بالهيئة العربية للمسرح، هذه الأخيرة أكد حسن النفالي للموقع “أن لا علاقة لها بالمباراة”.

وبالتالي فعلى أي سند وافقت إدارة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي على احتضان مباراة طرفها هو دولة الإمارات وليست الهيئة العربية للمسرح؟.

وتأكيداً على ما جاء في “التحقيق” فقد جاء تصريح حسن النفالي على الشكل التالي ““القرار (يقصد قرار وزارة التعليم بدولة الإمارات بإدماج مادة المسرح في المناهج التعليمية) جريء، وقد لجأوا لتفعيله إلى طاقات من ثلاثة دول، هي التي تعرف نشاطاً مسرحياً وثقافياً، وهي الأردن، تونس، والمغرب، ولا علاقة للهيئة العربية للمسرح بهذا الموضوع”.

كما أكد النفالي على أن “الهيئة العربية للمسرح لا علاقة لها بعملية التوظيف سواءَ في المغرب أو الأردن أو تونس، بل دورها أقتصر على إعداد المناهج الدراسية التي ستعتمدها وزارة التعليم الإماراتية، لتدريس مادة المسرح، معتمدةً على خبراء في المجال”.
في حين أن مدير المعهد شخصياً منتصر رشيد أوضح للموقع ” بكل صراحة، فإن ماجعلنا نستضيف هذه المباراة في المعهد فهو أساسا الإتفاقية التي تجمعنا مع الهيئة العربية للمسرح”.

مضيفا، “العامل الثاني هو حسن النية، في اتجاه تمني الخير لهؤلاء الشباب في إيجاد فرص للعمل والتكوين، وهو ماجعلني أقبل استضافة هذه المباراة عندما اتصل بي السيد حسن النفالي، عضو الهيئة العربية للمسرح”.
وختم مدير المعهد قوله، “لولا الإتفاقية ماكنت لأسمح بإجراء هذه المبارة في المعهد، والهيئة العربية للمسرح هي من اتصلت بنا، بعد تواصلها مع وزارة التربية والتعليم الإماراتية، كما أن دورنا لم يتجاوز منح القاعة لإجراء هذه المباراة”.

وبالنسبة للنقطة الثالثة التي جاءت واضحة واعتبر ذكر أسماء أشخاص في “التحقيق” إساءة، حيث وصف ذلك بـ”إقحام بعض المواقع الإلكترونية لأسماء أشخاص بغرض الإساءة إليهم من خلال تصويرهم كوسطاء، وتحرف نبل مقاصدهم، وتبخيس قيمة مجهوداتهم في المساهمة المواطنة المشهود لهم بها”، فإن الفقرة كلها خارج السياق أولا لأن جميع الأسماء التي تم ذكرها في التحقيق هي معنية بالموضوع بشكل مباشر والدليل هي الرسائل الإلكترونية التي توصل بها المرشحون، والتي نشرها الموقع في تحقيقه، ثانياً هؤلاء الأشخاص تم الإتصال بهم وإدراج تصريحاتهم وأرائهم في الموضوع، بعد أن وردت أسماءهم أو صفاتهم خلال شهادات مختلف مصادرنا، والوثائق التي تحصلنا عليها، ولم يكن الغرض هو “الإساءة” أو “التبخيس” بل دق ناقوس الخطر تجاه واقعة تهدد مستقبل البلد الفني.

من جهة أخرى، خرج أمس الإثنين الفنان ياسين أحجام بصفته رئيس جمعية خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، بتصريح له على أحد المواقع الإلكترونية، حيث بدا متناقضاً أولا عندما تحدث على أن المباراة عادية و”جاري بها العمل”، وأنه لولا أن له التزامات مهنية وأسرية لشارك فيها هو نفسه، مؤكداً على أن عملية توظيف 50 من خريجي المعهد بدولة الإمارات ليست هجرة جماعية، بل اعتراف بالكفاءة المسرحية المغربية وعلينا الافتخار بها، ليأتي في الأخير للقول بأن هذه “هجرة” نتيجة الوضع الكارثي والمزري للاشتغال المهني”، ثم يقول إنه كان على الدولة أن تقوم بإدماج هؤلاء الخريجين عوض أن يتم توظيفهم جماعةً من قبل دولة الإمارات”، وأنه كان على الدولة المغربية أن تقود بهذه البادرة عبر إدماج مادة المسرح في المدارس، وعاد للتذكير بأن هذا كان محور اتفاقية بين وزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية لكن لم يتم تنفيذ بنودها”. وقد برّر الفنان ياسين أحجام والبرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية -“رغم التناقض بين الانتماء لمجال الفن والارتباط بحزب له نظرة خاصة للفن، وكذا الحصول على مقعد برلماني عن طريق لائحة الشباب رغم كونها ريعا سياسيا محضا، وهذا موضوع آخر..”-، (برّر) توجه العديد من المرشحين للهجرة إلى الإمارات، بكونهم ليس هدفهم فقط هو المال، بل توسيع آفاقهم الفنية.. فهلا فعلا يمكن توسيع الآفاق الفنية في الإمارات؟.. نحن نكتفي فقط بطرح السؤال!.

ختاما، إن ما تناوله موقع “الأول” خلال التحقيق الذي نشر حول الموضوع كان من صميم العمل الصحفي، وليس كما وصفه البلاغ بأنه مجرد “إثارة رخيصة”، فلا يمكن في دولة ومجتمع يسعيان إلى التطور والرقي، أن يتم المرور “مرور الكرام” على واقعة مثل التي نحن بصددها من دون نقاشها وتسليط الضوء عليها، وبالتالي فمن أراد أن يتم تجاوزها بسهولة فهو حتماً “يشارك” سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر في عملية “تهجير” 50 من مسرحيينا وفنانينا لتستفيد منهم دولة أخرى، عوض أن تتم الاستفادة منهم في وطنهم الذي صرف الأموال الطائلة في تكوينهم.

كما أننا، لم نعلق ولم نعط أي حكم قيمة تجاه عملية “التهجير الجماعي”، بل اكتفينا بالاستماع إلى كل أطراف العملية، ولم نستتن أحدا، حيث استمعنا إلى عدد من الخريجين المرشحين للهجرة، وإلى مدير المعهد ورئيس نقابة المسرحيين، ومسؤول الهيئة العربية للمسرح ووزير الثقافة.

ولم نقل أنه ليس من حق هؤلاء الخريجين، الهجرة والبحث عن فرص عمل وعن غد أفضل، بل اتجهنا إلى “دق ناقوس الخطر”، وكان انتقادنا موجها إلى الدولة، واعتبرنا أن على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها، في هذه “المؤامرة” التي تستهدف إفراغ المغرب من فنانييه، الذين بذل الشعب المغربي من أموال “دافعي الضرائب” ملايين الدراهم من أجل تكوينهم لتستفيد منهم في النهاية دولة أخرى!

التعليقات على مغالطات في دفاع “جمعية خريجي معهد المسرح” عن “مؤامرة” إفراغ المغرب من فنانييه مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

تطورات مثيرة في قضية الناصيري وبعيوي.. إضافة تهمة “الاتجار بعملات أجنبية” إلى باقي التهم

في تطورات مثيرة تخصّ ملف سعيد الناصيري الرئيس السابق لفريق الوداد البيضاوي، وعبد النبي بعي…