نوفل البعمري

في الوقت الذي كان المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد هورست كوهلر يقوم بزيارة للمنطقة بشكل عام، وللمغرب بشكل خاص، وبالضبط على مستوى أقاليمه الجنوبية، لاستجماع المعطيات حول الوضع الميداني اقتصاديا وحقوقيا، والذي سيكون لنا عودة له بعد انتهاء زيارته، استقبل وزير الخارجية المغربي بالتزامن مع هذا الحدث، نائب وزير الخارجية الأمريكي السيد جون سوليفان، وهي الزيارة التي تعتبر تجسيدا لواقع الشراكة الاستراتيجية التي تجمع الإدارة الأمريكية بالمغرب خاصة في عهد رئيسها الحالي ترامب و بقيادة الجمهوريين لتصحح العديد من الأخطاء التي ارتكبت سابقا في عهد الديموقراطيين الذين كان الجناح الذي قاد الحزب سابقا لم يستوعب جيدا علاقة الشراكة التي يجب أن تجمع البلدين، و قد برز ذلك من خلال الموقف الأمريكي من ملف الصحراء حيث بمجرد تغير الإدارة الأمريكية و وصول الجمهوريين للحكم تغيرت نظرتهم لملف النزاع المفتعل حول الصحراء لمعرفتهم الجيدة ليس بتاريخ المنطقة و بالروابط التي كانت تجمع سكان الأقاليم الصحراوية بالمغرب لكن ليقينهم أن هذا الملف له ارتباط وثيق بالإرهاب و لوعيهم أن وجود تنظيم مسلح في المنطقة خارج عن الشرعية الدولية فيه تهديد كبير للسلم و الأمن ليس فقط على المغرب بل على إفريقيا و اروبا ككل خاصة و أن العالم قد اكتوى بتطرف داعش، برز ذلك في مسودة القرار الأممي الذي أعدته الولايات المتحدة الأمريكية و رغم التعديلات الطفيفة التي شهدته إلا أنه حافظ على بنيته و عناصره الأساسية.
اليوم، الحدث ليس هو الزيارة فقط، بل ما استتبعها بعد لقائه بوزير الخارجية المغربي من تصريح شخصي له عبر فيه عن دعمه للحكم الذاتي و هو الموقف الذي تبنته رسميا الخارجية الأمريكية ليعكس عمق العلاقات الاستراتيجية الشاملة الغير المقتصرة فقط على محاربة الإرهاب،بل هي شراكة متوازنة تحافظ على مصالح المغرب الحيوية على رأسها وحدته الوطنية ثم على الإلتزام الجماعي بمحاربة داعش في المنطقة الذي تعتبر البوليساريو كتنظيم متورطة بشكل أو بآخر في دعم هذا التنظيم و دفع شباب المخيمات إلى الإنضمام له، و قد برز ذلك من خلال البلاغ نفسه الذي أكد في فقرات منه نسوق منها كنموذج:
– الولايات المتحدة تدعم المنظمة الأممية لإيجاد حل سياسي سلمي ودائم مقبول من لدن الطرفين لإنهاء النزاع حول الصحراء الذي عمر طويلاً.
– أن وزير الخارجية الأمريكي بالنيابة عبر لنظيره المغربي عن التزام الولايات المتحدة الأمريكية الكامل بدعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة من أجل إيجاد حل سياسي سلمي ودائم مقبول من لدن الطرفين لإنهاء النزاع حول الصحراء.
– خطة الحكم الذاتي للمغرب جادة و واقعية وذات مصداقية ، وأنها تمثل نهجا محتملا يمكن أن يرضي تطلعات “شعب الصحراء الغربية” لإدارة شؤونه الخاصة في سلام وكرامة.
إن هذه العناصر الأساسية التي تشكل منها بلاغ الخارجية الأمريكية تؤكد أن المقترح المغربي ليس فقط جادا و ذي مصداقية،بل هو المخرج الوحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء،مخرج لا ينصف المغرب فقط بل ينصف الساكنة و يعطيها الأمل في العيش بسلام و كرامة كما عبر البلاغ نفسه، الإدارة الأمريكية في بلاغ خارجيتها واضحة و واضح موقفها من الملف إذ أن وعيها بطبيعة النزاع و بتداعياته الأمنية على المنطقة و ما أصبحت تشكله البوليساريو من تهديد للسلم و الأمن دفعها للإعلان عن هذا الموقف بهذا الوضوح.
إن موقف الإدارة الأمريكية يجب أن يدفع المغرب لتوسيع دائرة النقاش بينهم و بين المجتمع المدني المغربي حول هذا الموضوع و حول مواضيع ذات الصلة بمحاربة الإرهاب،و التغلغل الإيراني في المنطقة و بقضايا السلم و الأمن و الديموقراطية يمكنهم من فهم أعمق للتحولات التي عرفها المغرب و يجعلهم أكثر اقتناعا بالشراكة الثنائية المبنية على رابح/رابح و على الوضوح و الحفاظ على المصالح الحيوية المشتركة.

التعليقات على ملف الصحراء.. الموقف الأمريكي العقلاني مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

سعيد الفكاك: طوال عمري قمت بالدفاع عن المؤسسات الوطنية وعلاقتي بفرحان لا تتعدى المشاركة في ندوة بروما

أكد سعيد الفكاك، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم و الاشتراكية ، رفضه “القاطع بأن يتم …