نعيمة عبدلاوي

تابعت تفاعل الأصدقاء وبعض الشخصيات العامة مع تصريحات السيدة نبيلة منيب ليلة نتائج الانتخابات التشريعية حيث بعد أن صرحت باحترامها لقواعد حزب العدالة والتنمية وصفت علاقتها بقِمَّتها بأنها عبارة عن علاقة الشيخ بالمريد أي علاقة الطاعة.

ردود الأفعال في تقديري كانت غير متناسبة مع الكلام نفسه، الذي وصفته على منشور لإحدى الصديقات صباح البارحة بأن السيدة نبيلة منيب لم توفق فيه من حيث توقيته أكثر.

تفاعلها اللحظي جعلها في موقف الخاسر السيئ (الذي لا يتحمل الهزيمة عادة) ساخرة أضفت لبعض الأصدقاء قد يكون مرد هذا للجزء الجزائري في تكوينها وشخصيتها (وَجْديَّتي و ثقافتي الجزائرية تسمح لي بهذا التجاوز من أجل السخرية الخالصة).

الأوبة التفكيرية من نماذج الفيلسوفة آنة أرندت التفسيرية الكبرى التي تحث على العصيان الذهني الذي يخلق بدوره ممارسات تمردية، ليس بالمكون الأساس في تربية الجماعات خاصة منها الدينية سواء كانت إسلامية أو غير إسلامية ولا يحتاج الأمر إلى كثير توضيح أو نقاش.

أحزاب الأغلبيات الحكومية أو المتحالفة تخضع عادة لتقييم حصيلتها الحكومية التي على أساسها تُعاقَب أو تُجزى تصويتيا، ولا أظن أن أحزاب أغلبيتنا الحكومية خضعت لهذا المعيار عند التصويت يوم السابع من أكتوبر.

وهنا يتبين وعي الكتلة الناخبة السياسي والديموقراطي وتمرسها عليه وذلك باستقلالية تامة عن مستواها الدراسي و/أو الاجتماعي.

أيضا ما يشد انتباهنا في هذه الانتخابات هو حجم تحرك عالمنا القروي الانتخابي وتبنيه للمشروع الحداثي العلماني!

جمهورنا الانتخابي يشبه إلى حد كبير جمهور كرة قدمنا؛ بعض أفراد الألتراس والباقي يردد الشعارات حدَّ حماس الهوليكانز….

جمهور رأيناه رأي العين في مظاهرة الدارالبيضاء التسخينية التي كانت عتلة ورافعة لشعبية العدالة والتنمية حيث خرج يصدح ضد السيد بنكيران شخصيا وضد أسلمة المجتمع المغربي دون أن يدري…

و جمهور مقابل لا نراه، ذهب لصناديق الاقتراع يدافع عن السيد بنكيران وعن أسلمة المجتمع وهو يعتبرها أولى أولويات الانتخابات التشريعية وأكبر متغيراتها.

الانتخابات التشريعية تفرز هيئتنا التشريعية الوطنية المتمثلة في البرلمان الذي يجلس فيه النواب المنتخبون، لتشريع القوانين المنظمة لحياتنا ولمراقبة عمل حكومتنا.

يكفي الاطلاع على المقاطع الجانبية للمرشحين لبرلماننا من جميع الأحزاب لنقف على حقيقة ضعف أحزابنا السياسية من حيث جرأتها في برامجها السياسية إن وجدت طبعا، ضعفها في استقطاب المناضلين والأعضاء ذوي التأهيل والكفاءة المطلوبة وفشلها في الرقي بالثقافة والأداء السياسيين لمجتمعنا.

كما أن إحكام إغلاق مجتمعنا الذي يتمثل في إغلاق الحقل الإعلامي و تأميمه والذي تم تنقيحه هذه المرة بتقليص فترة الحملة الانتخابية واختزالها في أسبوعين ومنع اللجوء لآلية سبر الآراء، زادنا إجراءات لا تفضل توسيع النقاشات السياسية، مقابلة الآراء، شرح وعرض البرامج الانتخابية إن هي وجدت…

و كل هذا طبعا، لا يساهم في رفع مستوى وعي الناخب العادي والأقل عادية بمتغيرات وأولويات العملية الانتخابية في مجملها…

كل إفراط علة مرضية، تفاعل التيار العلماني مع قضية السيدة النجار/ السيد بنحماد هو نفسه من حيث حدته وتحيزه والاحتفاء به. تعامل التيار الإسلامي مع السيدة نبيلة منيب سواء في فيديو التدين حيث تم توظيف وصفها لحالة لا يمكن للملاحظ الموضوعي أن يختلف معها فيها تخص الحيثيات الكلية التي دفعت بشبابنا الطيب للالتزام بالخط الإرهابي سواء في تفجيرات الدارالبيضاء سنة 2003 أو انضمامهم آلافا من داخل المغرب أو خارجه لتنظيم داعش، لا يمكن لعاقل أن يختلف معها في كون التدين  يصبح خطيرا حين يكون ملاذا نفسيا احتجاجيا في مجتمعاتنا أوملاذا هوياتيا في مجتمعات غير إسلامية.
تم توظيف بضع ثوان من حوار بتر من سياقه وتعميمه لضرب مرجعية السيدة منيب بالذات و حزبها خلال الحملة الانتخابية وتعميمه خاصة من قاعدة الحزب المنافس العدالة والتنمية.
وهو تقريبا نفس التعامل مع فيديو تصريحات ليلة الانتخاب، حتى رأينا شخصيات وازنة في الحزب ترد عليها، ولم نسمعها تتفاعل مع مظاهرة الدارالبيضاء ضد أسلمة الدولة كما فعلت السيدة منيب نفسها…

هذا لا يمنع من أن اليسار المغربي يحتاج إلى تعديل خطابه وأن يكون في مستوى مشروعه السياسي والاقتصادي الوطني والذي يمكنه أن يخلق توافقا وطنيا إذا ما وسع الرفاق من يساريتهم لكونية قيم مشروعهم الذي لا يتعارض أبدا مع كونية القيم الاسلامية نفسها.

كما يحتاج تيار الإسلام السياسي إلى القفز تنظيرا وممارسة إلى خانة الإسلام الديموقراطي ليخلق توافقا وطنيا أيضا.

وفي هذا وذاك فليتنافس المتنافسون خدمة للشعب والوطن.

 

التعليقات على ليس دفاعا عن نبيلة منيب مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…