الإسلام الذي أنتمي إليه

أسامة التلفاني

كدأبه في الإساءة للآخرين دون تحري الدقة، تفاعل هذه المرة السيد عمر الصنهاجي مع تصريح أدليت به لموقع “الأول” حول تموقعي في صف حزب العدالة  التنمية في هذه المرحلة لمواجهة التحكم، وهو موقف مبني على ما أراه يخدم المصلحة العليا لوطني لأن تقديري أن تسليم مقاليد الحكومة لقوى التحكم يفتح مستقبل البلاد على غد مجهول قد يعصف باستقرار وطني. وموقف كهذا لن أغيره لتغريدة طائشة، فاللسان ما فيه عظم  لوحة الكتابة بدون فرامل.

مباشرة بعد التصريح الذي أدليت به لموقع “الأول” رفقة نشطاء آخرين في حركة 20 فبراير التي عدلت الدستور وكبحت جماح جرار كان سيحرث البلاد طولا وعرضا. تفاعل السيد الصنهاجي مع موقفنا بقوله: “ملي الملحدين غادي يصوتو على البيجيدي را القضية شدات ..

#الجبهة_الديموقراطية”.

إن كل مولود لأبويين مسلمين هو مسلم، كما قال الإمام النووي “فمن كان أبواه أو أحدهما مسلما استمر على الإسلام في أحكام الدنيا والآخرة” “شرح مسلم 16/208″.  و كما ورد في حديث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه” رواه الشيخان.

الأصل في المسلمين، كل من ينطق بالشهادتين هو بقاء إسلامه، ولا يجوز رمي من نطق بكلمة الإسلام وكذلك من ولد لأبوين مسلمين بالكفر بلا بينة. وفيما رواه احمد: “من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما”.

لقد صار في هذا الزمن من اليسير رمي الناس في عرضهم و دينهم وهذا للأسف من جهل الناس بأمور دينهم، إلا تعلم أن كل من وقع في الكفر لم يقع الكفر عليه، حتى تقام عليه الحجة وتزول عنه الشبهة، وإصدار الحكم في هذا ليس من عمل العوام بل هو من خاصة الخاصة من الراسخين في العلم. و في هذا كان علماؤنا نحن معشر المالكية يقولون إنه إذا وجد 99 بابا للتكفير وواحد دون ذلك ما أخرجنا الرجل من الملة. و في هذا قال ابن الوزير: “إن التكفير سمعي محض، لا مدخل للعقل فيه، وإن الدليل على الكفر لا يكون إلا سمعيا قطعيا ولا نزاع في ذلك” .

أدعوك السيد عمر الصنهاجي للنهل من معين العقيدة الأشعرية انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم: “أحب الدين الى الله الحنيفية السمحة” ونبذ العجرفة والتعالي في اعتبار فهم الإنسان للدين هو الدين نفسه، فهذا فتح بلاء عظيما على أمة الإسلام. ذلك أن نهج تكفير المخالف مرفوض وفي هذا حسم أهل السنة والجماعة في إجماع عقدي على عدم تكفير أي احد من أهل القبلتين حتى لو كان من أهل الكبائر. إن بدعة التكفير لم تكن في عهد الصحابة ممن أدركوا الوحي و لم تكن في عهد التابعين وتابعيهم ممن ساروا على نهجهم، إلى أن ظهرت دعوة الخوارج الذين اخذوا التكفير قاعدة والإيمان استثناءً، وهو ما رفضه العلماء الراسخون في العلم الذين نادوا بفكرة الإيمان الذي لا يزول بذنب دون الكفر، واعتبار كل من أذنب ذنبا دون الكفر مؤمنا ولو فسق بمعصيته. وكما يقول الإمام الأشعري رحمه الله: “اختلف الناس بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم في أشياء كثيرة ضلل فيها بعضهم بعضا، وبرأ بعضهم من بعض فصاروا فرقا متباينة وأحزابَ مشتتة إلا أن الإسلام يجمعهم”.

إن من أهم ما جاء به الإسلام هو الحض على مكارم الأخلاق، وفي هذا احترام الآخرين وعدم التعالي عنهم لقوله تعالى: “لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن”. وفي قصة الإمام احمد ابن حنبل مع جاره السكير عبرة، فقد رفض الإمام احمد أن يصلي الجنازة على جار له سكير فرآه في منامه في نعيم وقال له جاره: “الحمد لله الذي لم يجعل الجنة بيد ابن حنبل”. فاتضح للإمام أحمد أن جاره كان يطعم أيتام الحي كل ليلة ويمسح على رؤوسهم ويقول لهم: ادعوا لعمكم بالمغفرة. فلعلها كانت دعوة أحدهم” و كما قيل: رب معصية خلفت ذلا وانكسارا خير من طاعة خلفت علوا واستكبارا. ما أحوجنا اليوم لعلم السلوك والتزكية فالإسلام ليس نصوصا جامدة ولا طقوسا ساكنة بل سموا بالنفس لمعرفة خالقها بنهج الايمان والمحبة.

لن ادخل في متاهة تكفير التكفير، بل أعذرك بجهلك وأنصحك بالتوبة إلى مولاك في هذه الأيام المباركة. وأنا على يقين أنك نشاز في هيئتك. غفر الله لنا ولك.

 

التعليقات على التلفاني يرد على الصنهاجي صاحب تدوينة: “الملحدين غادي يصوتو على البيجيدي” مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…