معين شقفة *

كما هي العادة وكما هو معروف عن السيد بان كيمون الأمين العام لـ”الامم المتحدة” الذي عودنا على تصريحاته التي لا تخلو من القلق وذكره المتكرر لكل ما هو مقلق كان، أم بعيد عن ما هو مقلق، إلا أن تعبير قلق أصبح ملزما وصفة من مجموع صفات السيد بان كيمون الذي وعلى ما يبدو بينه وبين أحداث القلق علاقة وطيدة ويبدو أن هذه العلاقة التي تربط السيد بان كيمون بالقلق هي نفسها السبب الرئيس في خلو أجندته من خطوات نحو العمل الجدي من أجل رفع الظلم عن الشعوب التي ترزح تحت نير الاحتلال الحقيقي وليس الاحتلال اللفظي فقط. وتصريح الأمين العام بان كيمون حول قضية الصحراء المغربية هو تصريح غير مسئول ويبعد كل البُعد عن الحقيقة والواقع ويعطي صورة سوداوية عن الطرق والسُبل التي يستخدمها أكبر مستوى دبلوماسي على مستوى العالم أجمع ويجعل الضبابية هي سيدة الموقف في آلية عمل المنظمات الدولية في معالجتها لقضايا الشعوب دون تمييز أو محاباة أو انحياز لصالح طرف على حساب الطرف الآخر والانحياز دوماً لصالح حقوق الشعوب في ما يكفله لها القانون الدولي قولاً وفعلاً وبالابتعاد عن خلق أزمة جديدة لتغطية العجز عن معالجة وإيجاد حلول للأزمات الحقيقية والتي هي بحاجة لمعالجة ضرورية ومُلحة نظراً لخطورة استمراريتها على أمن وسلامة شعوب المجتمع الدولي عامة، لا يمكن لأي عاقل أن يكتفي بالنظر للشجرة التي تُخفي خلفها غابة بأكملها وآن يبني رؤية وتقييما بشكل كامل حول قضية برمتها وهذا هو ما وقع فيه السيد بان كيمون حين اكتفى برؤية الشجرة التي زرعت له في طريقه كي تكون هي الاستناد الأساسي لإصدار تصريحاته التي بُنيت على رواية طرف واحد وعدم اعتماد أطروحة الطرف الآخر الأساسي في القضية، كما وقع السيد بان كيمون في خطأ آخر حين تناسى قرارات الأمم المتحدة التي هو أمينها العام تلك القرارات التي تُلزم دولة الجزائر وجبهة البوليساريو على إجراء إحصاء لعدد سكان المخيمات هناك، كما تناسى بان كيمون ملف اختلاس وسرقة المساعدات المقدمة من المجتمع الدولي بما فيهم دولة المغرب التي هي عضو بكامل العضوية في الأمم المتحدة ناهيك عن ملف الانتهاكات لحقوق الإنسان والجرائم التي ارتكبت وما زالت ترتكب بحق ساكنة مخيم تندوف المسيطر عليه بقوة الحديد والنار من قبل “جبهة البليساريو” والتي أُدينت بارتكابها جريمة سرقة قوت الفقراء والأطفال وبيعها في الأسواق السوداء وضخ عائدها إلى جيوب قادتها، عن آي احتلال يتحدث السيد بان كيمون ولماذا في هذا التوقيت بالذات يريد الأمين العام إيجاد احتلال غير الاحتلال الإسرائيلي الحقيقي الذي يرزح تحت نيره الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع جريمة على وجه الأرض من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يضرب بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية والتي منها قرارا مجلس 424 و338 الذين ينصان ويقران حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعلى إسرائيل الالتزام والتنفيذ الفوري والانسحاب إلى الحدود المذكورة وها نحن في انتظار الأمم المتحدة أن تُنفذ وتحمي قراراتها وتُلزم إسرائيل بذلك وفي هذا لم نجد بان كيمون يقول بأن هذا هو الاحتلال الحقيقي وهذا هو الانتهاك الحقيقي لحقوق الإنسان الذي ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني صاحب الحق والإرث التاريخي في وطنه فلسطين المحتلة، هل يريد السيد بان كيمون أن يحرف البوصلة التي تُشير وتُبين بوضوح كالشمس نحو الاحتلال الغاصب المجرم أم أن السيد بان كيمون يريد أن ينقل الصراع من بقعة جغرافية إلى بقعة أخرى لكي يُعطي الاحتلال الإسرائيلي الوقت الكافي لكي يحكم قبضته على ما تبقى من فلسطين أرضاً وشعباً وخيرات فوق الأرض وفي سمائها وجوفها وإذا كان الأمين العام يجد في نفسه الحكم العادل ويستطيع أن يطلق للسانه العنان في إصدار تصريحات لا مسؤولة ولا عقلانية فماذا عن أفعاله في رفع الظلم من على الشعوب الأخرى وتطبيق قرارات الأمم المتحدة التي هو أمينها العام حالياً وعلى مقربة شهور من انتهاء فترة ولايته وشغله لهذا المنصب الدولي، كما يحملنا هذا التصريح الذي أدلى به الأمين العام للامم المتحدة بان كيمون إلى التساؤل عن السبب أو المانع في عدم زيارته للقدس للوقوف عن كثب على الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في حق البشر والحجر والمقدسات والآثار والتي تعتبر من حضارة العالمية والمسجلة في منظمة اليونيسكو أحد المنظمات الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة وتحت مسئوليتها لماذا لم نرى أو نسمع أي تصريح ملزم يصدر عن بان كيمون حول ما ارتكبته وما زالت ترتكبه دولة الاحتلال إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وجنين ونابلس وبلعين وعين شمس والجولان والجنوب اللبناني وماذا عن تقرير الأمم المتحدة الموقرة حول استخدام إسرائيل للفسفور الأبيض إبان إحدى حروبها على قطاع غزة ولم نراك يا سيد بان كيمون تُلزم اسرائيل بان تُدخل مواد البناء لبناء بيوت للأسر التي تفترش الأرض وتلتحف السماء في قطاع غزة بعدما دمرت البيوت فوق رؤوس ساكنيها وأنت والعالم تنظرون وترون بأم أعينكم ما ترتكبه قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين العزل في فلسطين المحتلة ولم نراك ترفع شارة النصر لهذا الشعب الفلسطيني الذي يذوق ألوان العذاب والقهر والقتل على مدار الساعة ، لم نراك ترفع إشارة النصر تحية فوق قبور الأطفال الضحايا الذين صعدت أرواحهم للسماء تحت القصف الصهيوني القذر في مدرسة البقر في مصر ولم نراك تُعبر عن قلقك وحُزنك على الأطفال والنساء والعجزة الذين قضوا تحت الغارات العسكرية الإسرائيلية في فلسطين ولبنان ، هذا هو الاحتلال يا سيد بان كيمون وهذه هي أفعاله وقذارته، هذا هو الاحتلال الذي يجمع فيه كل ما تحمل الكلمة من إجرام وانتهاك لحقوق الإنسان والضرب بشكل سافر بعرض الحائط كل الأمم المتحدة وكل منظماتها وقراراتها الصادرة بإجماع غالبية الدول الأعضاء في هذا المنتظم الدولي الفاقد لمهمة التنفيذ والمكتفي بالقلق وهو أكثر ما يستطيع التعبير به وفعله الأمين العام السيد بان كيمون الذي زار المنطقة خلال الأيام السابقة واكتفى بان بالنظر إلى الشجرة التي اخفت خلفها كل أهات وعذابات وانين شعب محتجز بقوة الحديد والنار من قبل أباطرة المال والمشاريع الشخصية الضخمة عبر تنفيذهم لأوامر أسيادهم الذين يعتبرونهم مجرد عبيد يتم استخدامهم لمصالح خاصة وبعيدة كل البُعد عن الحقوق والواجبات الإنسانية وتسويقهم لما يسمى شعب “محتل” في حين آن من يحتل ومن يستعبد بني الإنسان في مخيمات الاحتجاز بتندوف هم مرتزقة البوليساريو ومن والاهم

*كاتب فلسطيني مقيم بالدار البيضاء

التعليقات على “بان كيمون والقلق الدائم” مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…