خصصت يومية “لوموند” في عددها الصادر يوم الثلاثاء 13 دجنبر الجاري صفحة لنقاش سؤال: هل أضاع اليسار الطبقات الوسطى؟

“لحدود بداية سنة 1980، فضل اليسار الطبقات الوسطى للنضال من أجل المساواة، واليوم يبدو أن الثقة قد كسرت بين الفئات الاجتماعية والحزب الاشتراكي “، هكذا استهلت “لوموند” موضوع النقاش قبل أن تطرح سؤال : هل أضاع اليسار الطبقات الوسطى؟ .

وتناول لويس شوفيل الموضوع من زاوية المقارنة التاريخية بين وضع الطبقة الوسطى في سنوات الثلاثينات إبان الأزمة الاقتصادية،  ووضعها الآن في الألفية الثالثة، فبالنسبة لـ لويس شوفيل فالوضع الحالي  يتميز بالاندحار المتواصل والتعرية القائمة اللذين أصابا الطبقات الوسطى، وليس فقط الاقتصار على مسألة انحطاط النموذج الاجتماعي، ويذهب لويس شوفيل إلى اعتبار هذه التعرية “تهديدا حقيقيا للديمقراطية”، فخطر الانهيار هذا لم نعشه منذ سنة 1930 إبان الأزمة الاقتصادية العالمية.

واعاد الباحث شوفيل التاريخ قليلا إلى ثلاثينيات القرن الماضي، وبشكل محدد إلى كتاب “تيودور جيجر” المعنون بـ “ارتباك الطبقة الوسطى” ليعيد تحليل أثار أزمة 1929 على الطبقة الوسطى، التي شاركت في مسلسل شاذ للخروج من الديموقراطية عبر شكل راديكالي للشعبوية.

ولفهم الوضع الحالي للطبقة الوسطى يعود بنا شوفيل إلى سنوات الخمسينات وما سمي بـ “حضارة الطبقة الوسطى” كما وصفه ألكسندر كويري Alexandre koyré: la civilisation de la classe moyenne ، فتطور الطبقة الوسطى في المجتمعات الغربية في سنوات الخمسينات اعتمد على سبع ركائز أساسية التي نراها تتفكك اليوم، أولا عامل مأجور متجانس ويشكل أغلبية، ثانيا مجتمع الوفرة والاستهلاك المتاح للجماهير، ثالثا توسيع نطاق الحماية الاجتماعية أو الضمان الاجتماعي لـ”دولة الرفاهية” (البطالة، الصحة، الشيخوخة …) ، رابعا توسيع التعليم والحراك المجتمعي، خامسا الايمان بالتقدم الصناعي اعتمادا على التقنية العلمية، سادسا هو دخول الطبقات الوسطى في العملية السياسية بما في ذلك مأسسة العمل النقابي كي يتجاوز القاعدة العمالية التي كان يعتمدها بالأساس، والركيزة السابعة هي ديمقراطية تمثيلية عقلانية ومستقرة.

ويعود الباحث والاستاذ الجامعي شوفيل إلى أن الركائز الذي بنيت عليها ما سمي بـ” حضارة الطبقة الوسط” أصبحت جد ضعيفة وهشة، حيث لحقتها أضرار بنيوية على مدى جيل الشيء الذي أظهر بشكل جلي عدم استقرارها، الشيء الذي تنكره النخب السياسية والمؤسسات الرسمية وكذلك الاعلام وبعض الأكاديميين…فهذه الحقيقة تزعج (شوفيل معقبا).

والآن نعيش ازديادا لهذا الوضع الهش، فارتفاع العقار مقابل الأجور، والحاجة الملحة للعمل في أكثر من وظيفة للعيش، والنتيجة أنه حتى أفضل الأجور غير كافي لتوفير سكن لائق الشيء الذي يظهر حقيقة الواقع الجديد.

ويختم شوفيل بالعودة إلى المشهد السياسي الحالي في فرنسا، وخصوصا صعود ألان جوبيه عن اليمين، والمفهوم الذي جاء به “الهوية السعيدة”  ” identité heureuse” ، هذا المفهوم الأجوف جاء به “ألان” ليملأ  به الفراغ، وفي النقيض نجد أن شعار ” فرنسا هي الأفضل”  الذي حمله اليسار الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية السابقة على لسان فرونسوا هولند أفل نجمه وتلاشى، وقد عبر إمانويل فالس صراحة على المخاطر الكبرى على الديمقراطية الاجتماعية كمشروع في فرنسا، ولكن سيعتمد انكار الواقع الحالي بدل تحديه في الانتخابات التمهيدية القادمة لليسار ؟

يومية "لوموند" في عددها الصادر يوم الثلاثاء 13 دجنبر
يومية “لوموند” في عددها الصادر يوم الثلاثاء 13 دجنبر
التعليقات على نقاش.. هل أضاع اليسار الطبقات الوسطى؟ مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

وزير الصحة: الترويج للسيجارة الالكترونية يستهدف الأطفال عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين

أكد خالد أيت الطالب وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أن الوقاية من تدخين النيكوتين بشكل عام…