لطيفة البوحسيني

كنت أعتقد واهمة أن موضوع العلاقة بين الدين (التدين) والأخلاق قد حسمت في اتجاه التركيز على الأخلاق. غير أن ما تؤدي إليه بعض النقاشات التي يزخر بها الفايسبوك بمناسبة أو أخرى،  تؤكد أننا بعيدون كل البعد عن هذا الحسم… بل وتؤكد استمرار بعض من يعتبرون أنفسهم أوصياء على الدين في اعتقادهم أن كل المتدينين هم بالضرورة ذوو أخلاق يكفيهم في ذلك تدينهم، وأن غيرهم لا يمتون للأخلاق بصلة ماداموا يقرون ببعدهم عن الدين والتدين…هناك ضمن هؤلاء من يقولها صراحة وهناك من يوحي بها بشكل غير مباشر ومستبطن في خطاب مغلف ربما ينتظر فرصته ليجلي ما يخفيه، لضرورات هم أقدر على معرفة خباياها.

أعود مجددا لطرح السؤال الذي اعتقدت أن جوابه محسوما سلفا من خلال الأسئلة التفصيلية التالية:

– هل كل متدين بالضرورة متخلق؟

– وهل كل من هو لا ديني أو ملحد أو غنوصي هو بالضرورة عديم الأخلاق؟

– هل يكفي التدين ليقي البشر من “سوء الأخلاق”؟

– وهل الناس التي اختارت باقتناع كبير طريقا آخر ومعتقدا آخر غير المعتقد الديني هي بالضرورة مجانبة لما نعتبره أخلاقا ووجب رجمها؟

– هل الأخلاق شرط ضروري ليستقيم تدين الناس؟ وبالمقابل هل التدين هو بالضرورة شرط لتترسخ الأخلاق؟

– هل بالضرورة يجب وضع التقابل بين التدين والأخلاق؟

– وهل لا يمكن تصور الأخلاق كبعد إنساني كوني ساهمت بالتأكيد الديانات المختلفة في ترسيخه كما كان الفضل في ذلك لمختلف الفلسفات التي طورتها الإنسانية في مختلف بقاع المعمور؟

– ثم، ما هي في النهاية هذه الأخلاق وما هو المضمون الذي نوليه لما نصطلح عليه أخلاقا؟

– هل الأخلاق هي القواعد والضوابط اللازمة للمعيش المشترك وترتبط بقيم المواطنة وبمدى احترامها من طرف الجميع أم هي اقتناعات الناس فيما يتعلق بهم كأفراد وبحياتهم الخاصة ولا تمس الآخرين في شيء؟

أعتقد أنه سيكون مفيدا بالنسبة لمناقشاتنا أن ندقق فيما نعطيه كمضمون للأخلاق ونسائلها على ضوء اختيارات الناس الدينية واللادينية.

لم يعد ممكنا الاستمرار في التعميم الذي يخفي الكثير من سوء التفاهم والذي ينتظر فرصته لينفجر ويأتي على الأخضر واليابس.

إنها دعوة للعقلاء ممن يغلبون أولوية المشترك وأهمية التوافق بشأن شروطه… ومن هنا ضرورة التدقيق بعيدا عن الوصاية والاستعلاء والتكبر والعجرفة من هذا الطرف أو ذاك  واعتبار كل من يخالفني في معتقدي عدوا يستحق الجلد. هؤلاء العقلاء هم من تتوفر لديهم بعض من هذه الأخلاق وأولاها أخلاق الحوار.

التعليقات على إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا مغلقة

‫شاهد أيضًا‬

عاجل.. مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019

صادق مجلس النواب في جلسة عمومية، اليوم الجمعة، بالأغلبية على مشروع قانون المالية لسنة 2019…